المغرب بداية العد العكسي لانتخابات 2026
قد لا يكون من المبالغة القول إن احتجاجات حركة جيل زِدْ أربكت حسابات الطبقة السياسية المغربية، التي بدأت تستعد للانتخابات التشريعية المقبلة، وفق الحدود المرسومة داخل الحقل السياسي، مطمئنةً إلى تراجع زخم التعبئة داخل الحركات الاحتجاجية لأسباب داخلية وإقليمية لا يتسع المجال للتفصيل فيها.
فرضت هذه الاحتجاجات على السلطة والحكومة والأحزاب والنخب التفكير في كيفياتٍ مغايرةٍ لتنفيذ محطّة 2026، بتجنب سيناريوهات انتخابية صارت مكرورة، ليس فقط بسبب افتقادها ضراوة الصراع السياسي النظيف، ولكن أيضاً بسبب تآكل منسوب السياسة حتى داخل الأحزاب التاريخية التي كانت تحظى باحترام طيفٍ عريضٍ من المغاربة، وأصبحت حالياً جزءاً من تاريخ السياسة المغربية البعيد. وفيما كان يُتوقع اتخاذُ تدابير من شأنها تخليق الاستحقاقات الانتخابية المقبلة وجعلها أكثر مصداقيةً، بما يُفضي إلى مصالحة المغاربة مع السياسة، جاء مشروع القانون التنظيمي الجديد المتعلق بمجلس النواب ليثير جدلاً واسعاً، بسبب بعض مقتضياته، وبالأخص في ما يرتبط بإقراره دعماً مالياً محترماً للشباب، دون 35 عاماً، ممن سيترشّحون لانتخابات 2026. وإذا كان هناك من رأى في هذا إضعافاً للأحزاب، وخطوة نحو الحكم عليها بالموت بإفراغها من كوادرها وطاقاتها الشابة، فإن البعض الآخر رأى فيه تحفيزاً مادياً للشباب الراغبين في خوض غمار الانتخابات، وتشجيعاً لهم على الانخراط في العمل السياسي، في أفق ضخ دماء جديدة في مشهد سياسي يكاد يكون ميتاً، بسبب هيمنة حيتان الانتخابات على مختلف الاستحقاقات، واستغلالها الأحزاب في بناء شبكاتٍ واسعة من النفوذ، تتغذّى على الزبونية والمحسوبية، وتجعل من المال الانتخابي وسيلة لشراء أصوات الناخبين، واستغلال ظروفهم الاجتماعية المزرية في تحقيق مكاسب حزبية وسياسية وشخصية. وبذلك ستجد هذه الحيتان نفسها أمام مشهد انتخابي جديد، يصعب التحكّم فيه وتوجيهُ موارده بالوسائل نفسها التي دأبت على توظيفها في كل محطة انتخابية.
مؤكد أن من شأن إقرار هذا الدعم أن يثير حفيظة الأحزاب التقليدية، التي ترى في الاستحقاقات الانتخابية فرصتها الموسمية للاستفادة من المال الانتخابي، وتغذية شبكة المصالح داخل هياكلها المتآكلة، من دون أن تقدّم مشاريع إصلاحية جادة كفيلةٍ بحل جزء ولو
ارسال الخبر الى: