المعبر السوري المأزوم

20 مشاهدة

في كتابه الصراع على سورية كتب الصحافي باتريك سيل أن ثمّة معطيات عديدة لا تسمح لسورية بأن تكون قوّة إقليمية فارقة، كحال مصر أو تركيا أو إيران، لكن موقعها الجغرافي المفتوح على عوالم جيوسياسية؛ تُشرف على الممرات الشمالية الشرقية الموصلة إلى مصر، وعلى الطريق البرّي ما بين العراق والبحر المتوسط، وعلى شمال شبه الجزيرة العربية، والحدود الشمالية للعالم العربي، وخط أمامي في مواجهة إسرائيل، أعطاها مكانة استثنائية في المنطقة، وجعلها ذات موقع محوري، ليس للجهود الدولية المبذولة في إطار الصراع العربي ـ الإسرائيلي فحسب، بل لجهود القوى الإقليمية المنقسمة فيما بينها. وتابع سيل القول، بكثير من الثقة التاريخية والجغرافية، إن من يريد التسيّد في الشرق الأوسط، عليه أن يضع أولاً خططاً حول سورية.
على غرار سيل، ذهب السوسيولوجي رايموند هينبوش إلى أن سورية، الصغيرة نسبياً بحجمها وتعدادها السكاني، مجهّزة بقاعدة محدودة من القدرة البشرية، وبعمق استراتيجي بسيط أو بقدرة ردع صغيرة إزاء الغزو، فقد كانت غير محميّة بحدودها الطبيعية، ومكشوفة من جميع الجوانب على الدول المجاورة التي كانت بين الفينة والأخرى تُشكّل تهديداً لها. ويرى هينبوش أنّ قلّة من البلدان كانت تمتاز بمسارب عديدة كهذه، مفتوحة على عوالم جيوسياسية متميزة جداً ومتداخلة، فموقعها كخطّ أمامي في مواجهة إسرائيل أعطاها مكانة رفيعة استثنائية في العالم العربي، وجعلها ذات موقع محوري للجهود الدولية المبذولة في إطار حل الصراع العربي الإسرائيلي. وكانت سورية تاريخياً شريكاً طبيعياً سعي، على نحو متكرّر، مع دول مثل مصر والعراق والسعودية، إلى إحلال التوازن بين مجموعة القوى المتنافسة في المنطقة.
هذا الموقع الجغرافي المعقّد، خصوصاً بعد قيام الكيان الإسرائيلي في فلسطين، جعل من سورية محوراً رئيساً في أي حدث إقليمي، بل يمكن القول إن الانقلابات العسكرية التي بدأت عام 1949 وحتى 1970 كانت مرتبطة كلها بالمواقف تجاه إسرائيل والتحالفات الإقليمية ـ الدولية في المنطقة. ومنذ خمسينيات القرن الماضي، بدأت سورية تنظر إلى نفسها على أنّها قلعة العروبة وجغرافيا مناهضة لإسرائيل، الأمر الذي دفع قادتها إلى التنازل عن السلطة،

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح