المسرحيون الجزائريون والهاجس النقابي

21 مشاهدة
يتساءل المخرج المسرحي حليم زدام بنبرة ساخرة ما معنى أن المسرحيين الجزائريين خلال العشرية السوداء استطاعوا أن يلتقوا على مواجهة خطاب الموت حتى إنهم قدموا شهداء لكنهم فشلوا بعدها في أن يلتقوا على إطار يجمعهم أخشى أن يقال إن مربي الدواجن أفضل منا لأنهم نجحوا في تأسيس نقابة تمثلهم وتدافع عنهم بينما فشلنا نحن المسرحيين في ذلك في السياق ذاته يقول الممثل بوحجر بن الطيب لـالعربي الجديد إن هناك مئات التعاونيات والجمعيات التي باتت تستقطب مئات الفنانين في مختلف عناصر المسرح من كتاب نصوص ومخرجين وممثلين وسينوغرافيين وموسيقيين ومصممي ملابس وتقنيين وبعض تلك الجمعيات تشرف على مهرجانات في مختلف مجالات المسرح وتساهم في تكوين الجيل الجديد مسرحيا بل إن كثيرا منها بات يحصد جوائز وازنة خارج الجزائر إذ لا يكاد يخلو مهرجان عربي أو غربي من فرقة مسرحية جزائرية مشاركة ضرورة وجود نقابة تضمن الحقوق وتواكب الحراك المسرحي هنا يتساءل بن الطيب أمام هذه الثراءات المسرحية المختلفة لماذا لا نملك نقابة حقيقية تفرض المعايير الفنية وتضمن الحقوق المهنية وتواكب الحركة المسرحية بكل وجوهها وجهاتها واتجاهاتها بالفعل إذا اعتمدنا على الرواية التي تعتبر زيارة الفرقة المسرحية المصرية بقيادة جورج أبيض إلى الجزائر عام 1923 والتي شهدت تقديم عروض في عدد من المدن بمثابة الشرارة الأولى التي حفزت تبلور حركة مسرحية محلية فإننا أمام قرن كامل من الممارسة المسرحية في البلاد ومع ذلك يبقى الغياب اللافت لإطار نقابي يوحد العاملين في هذا المشهد الذي ولد من رحم المقاومة الوطنية موضع استغراب وتساؤل مشروع المصلحة والمبدأ نقلنا هذا الهاجس إلى المخرج ومحافظ المهرجان الثقافي الدولي لمسرح الصحراء عقباوي الشيخ فذكر بالمرات التي بادرت فيها وجوه مسرحية بتأسيس نقابة كانت أقواها عام 2017 وآلت كلها إلى الذبول بسبب أن قطاعا واسعا من المسرحيين موظفون في المسارح الحكومية فهم يتقاضون أجورا ثابتة ويحظون بامتيازات مثل التأمين والتقاعد والعطل السنوية ومختلف المنح التي يقرها الوظيف العمومي أي أنهم يتمتعون بمعظم ما ستطالب به النقابة في حال تأسيسها لذا فإن معظمهم يتعاملون مع الأمر ببرودة واستخفاف بينما يقتضي العمل النقابي تكاملا بين كل الفاعلين ويضيف مخرج عرض أزيز متحدثا لـالعربي الجديد ثمة تحول نفسي وفكري في المشهد الفني والأدبي والثقافي يتمثل في أن الشغف لدى قطاع واسع من الجيل الجديد لم يعد متعلقا بخدمة الصالح العام بل بخدمة المجد الشخصي بالتالي فإنه يكفي ألا يجد الواحد نفسه ضمن النواة المؤسسة أو الهيئة المسيرة حتى يصبح عامل تشويش لقد عملت مواقع التواصل الاجتماعي على تكريس هذه النزعة لم يعد شغف المسرح متعلقا بالصالح العام بل بالمجد الشخصي لا يجد المسرحي ماسينيسا قبايلي حرجا في القول إن نسبة كبيرة من المحسوبين على المسرح اليوم دخلوا المشهد المسرحي خارج المعايير الفنية في ظل الفراغات المختلفة فكيف يرضون بنقابة ستطبق عليهم شروطا لا يتوفرون عليها ليجدوا أنفسهم خارج اللعبة بكل امتيازاتها المادية والمعنوية ويضيف إن النقابة مشروع نضالي بالتالي فمن يجعلها حقيقة ميدانية هم الفنانون المناضلون لا المنتفعون والاستعراضيون بديل ممكن منذ مطلع العام الفائت أطلق الممثل والمخرج المسرحي حيدر بن حسين 1970 فكرة إنشاء نقابة مسرحية فتراوح الحكم عليها بين الترحيب بها وربطها بمآلات التجارب السابقة لكن الرجل لم يكف عن التحرك في الواقع والمواقع شارحا لها ومبينا أهدافها ومشيرا إلى ثمارها ومؤكدا على ضرورتها بالتوازي مع كتابات تنظيرية لمفهوم وأدوار المؤسسة المسرحية في ظل التحولات الجديدة قلما قرأنا مثلها في فهم اللحظة المسرحية منذ الاستقلال الوطني يقول في رسالة وجهها إلى وزير الثقافة والفنون الحالي زهير بللو ألفت انتباهكم إلى ضرورة بناء سوق مسرحية حقيقية في الجزائر وهو المشروع الذي يمكن أن يشكل الخلاص الفعلي للمسرح الجزائري الذي هو ليس مجرد وسيلة للترفيه بل هو مرآة تعكس هوية الأمة ووسيلة للتعبير عن أسئلتها الثقافية والاجتماعية تضيف الرسالة إن المسرح الجزائري يعاني اليوم من ضبابية وصمت مقلقين مما يجعل التحرك الفوري لسد الثغرات الموجودة ضرورة لا تحتمل التأجيل وذكر مخرج عرض انسوا هيروسترات لـالعربي الجديد بعض تلك الثغرات التكوين المسرحي القائم على مناهج تجاوزها الزمن التعاملات الإدارية الثقيلة التمويل غير الدائم وغياب المناخات التي تجعل العلاقة بين المسرح والفنون الأخرى مثمرة ويستبعد صاحب المبادرة أن يكون مآلها شبيها بسابقاتها لأننا عرضنا الفكرة على مختلف الفاعلين المسرحيين وجعلناها محل نقاش فهي بصدد أن تتحول إلى قناعة جماعية ومثل هذه القناعات شبيهة بالأنهار لا يمكن أن يقف أحد في وجهها ويقول مخرج عرض عقد الجوهر إن قطاعا واسعا من الممارسين المسرحيين في الجزائر باتوا مقتنعين بالنقابة باعتبارها ضرورة ليس للدفاع عن حقوقهم المادية فقط بل أيضا لاقتراح تصورات ورؤى مبتكرة وعملية لتسيير المؤسسات المسرحية الحكومية التي تملك كثيرا من الإمكانيات وقليلا من الأفكار ويضيف لقد تعبنا من الخسارات الناتجة عن الفرص الضائعة ويختم حديثه لـالعربي الجديد بحكم يشبه الصرخة تعالوا نكن صوتا للحق والجمال ونضع مصلحة المسرح والإنسان في قلب اهتماماتنا لأن المسرح إذا مات ستفقد الأمة جزءا من روحها وإذا نهض فسيكون بداية لنهضة ثقافية وفكرية حقيقية تستحقها الجزائر

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح