المحاصر لداس وساهي منجز هندي يعاند السائد
حين يكون الحصار خياراً شخصياً مُعادلاً للحب، فالحديث عن فكرة الانعتاق منه تبدو شديدة التسطيح وعديمة المعنى، لأن هناك دائماً أشياء في الحياة لا يُمكن محاكمتها وفق المعايير والأحكام الاجتماعية الجاهزة.
ذلك ما يقترح المُحاصر (2025)، لتانوشري داس، بحثَه بنصٍ سينمائي، يجسّد حصار بطلته الهندية مايا (أداء مذهل لتيلوتاما شوم) بدواخلها، وباشتراطات المكان الفارض أيضاً حصاراً خانقاً عليها، وعلى المقيمين معها فيه.
مكان في أطراف مدينة كولكاتا لا يقبل بترف فكرة التضحية، ولا يرضى بوجود المتألّمين نفسياً فيه. نشاطها يتمثّل بكَيّ الملابس منزلياً، وتسليمها إلى أصحابها في بيوتهم. تمارس أعمالاً منزلية أخرى تدرّ عليها مبلغاً قليلاً من المال، تدخّر منه لمفاجآت الزمان، والباقي تُعيل به ابنها الصبي ديبو (سايان كارماكار) وزوجها سُندار (تشاندان بيشت)، العاطل من العمل، والمنسحب من الحياة إلى دواخله جراء أزمة نفسية يعانيها منذ تعرّضه، أثناء خدمته ضابطاً في الجيش، لحادثٍ ترك أثراً مؤلماً فيه، منعه من مواصلة مهنته.
هذا يبدو سوياً وعادياً في حالة امرأة تعيل عائلتها، تجد نفسها بسببه في تنافر مع أهلها وسكان منطقتها الكئيبة، المنقولة مناخاتها العامة بعدسة كاميرا حساسة، تقارب التقاطها واقع أطراف كولكاتا (التصوير الرائع والسيناريو مُحبَك الكتابة لمساعد المخرجة سومياناندا ساهي). احتجاجات عائلتها المتعلّمة، ومتوسطة الحال، تحاصرها، كما تحاصر التصرّفات الغريبة للأب، المدعاة إلى سخرية الآخرين، ابنَه، فتدفعه إلى الانكفاء والهروب من المدرسة إلى الرقص، الذي يجد فيه منفذاً صغيراً لخلاص من حصار خانق.
تتأمل تانوشري داس حالة حب الزوجة لزوجها من منظار أنثوي يضع السلوك العاطفي للمرأة موضع مساءلة دائمة. قبولها بحصار حبها، وحرصها على تماسك عائلتها في أشدّ الظروف صعوبة، يثيران حيرة وأسئلة مشروعة، حين تغدو التضحية موضعاً لألم صاحبها، وحين تجعل منه ناسكاً متجرّداً من احتياجات الجسد والصلات الحميمة.
/> سينما ودراما التحديثات الحيةنشوة: معاينة سينمائية حادّة للخوف من الآخر
ذلك يحدثه ويجليه الانقلاب الدراماتيكي في مسار السرد. فمن دون توقّع، يُتّهم الزوج بارتكاب جريمة قتل شخصٍ، يلازمه أحياناً في الخارج، ويمضي معه وقتاً
ارسال الخبر الى: