المثقف العضوي السوري

74 مشاهدة

حين كتب غرامشي عن المثقّف العضوي المرتبط بقضايا طبقته وشعبه، لم يكن يتوقع أن يتكئ مثقفون سوريون على محمل أفكاره لتطبيقها على انحيازاتهم الطائفية. كان غرامشي سياسياً بارزاً في إيطاليا، وانتسب مبكّراً إلى الحركة الشيوعية، أفكاره وتنظيراته عن المثقف العضوي كانت تتوجّه نحو المثقّف اليساري، ونحو الشعب بطبقاته المجتمعية والاقتصادية، لا الدينية والمذهبية. كان يتحدّث عن شعبٍ لا علاقة له بتصنيفات ما دون الدولة، عن شعبٍ منخرطٍ في نقابات وأحزاب، كان يقصد، بالتحديد، طبقات العمال والفلاحين من أبناء الشعب الإيطالي. أما المثقف العضوي فهو ابن هذه الطبقات الذي عليه واجب صياغة مبادئها العامة السياسية والاجتماعية والأخلاقية لبناء وعيها السياسي وتطوير إيديولوجيتها الخاصة بما يساعدها على بسط هيمنتها الثقافية والسياسية. كان غرامشي ابن إيديولوجيا سياسية، تنظيراته سياسية واقتصادية. والمثقف العضوي الذي كتب عنه مترفّع عن الشعبوية لصالح بناء صيغة شاملة تؤطّر هذه الطبقات المجتمعية في إطارٍ من الوعي اللازم لنيل حقوقها واحتلال مكانتها التي تستحق.

يستعيد اليوم مثقفون سوريون أفكار غرامشي عن المثقف العضوي، ويطلقون على أنفسهم هذا اللقب، حين يعلنون انحيازهم للشعب السوري في نضاله لنيل حقوقه. حدث هذا منذ بداية الثورة عام 2011 واستمرارها طوال السنوات التالية لها مع كل افتراقاتها وتحوّلاتها القاتلة إلى ثورة جهادية سلفية سنّية لا تشبه شيئاً من مبادئ انطلاقتها الأولى. خلال تلك المرحلة من تحوّلات الثورة، ظهر المثقف العضوي السوري الذي لم يجد مشكلةً لا في التسليح ولا في الأسلمة ولا في تحوّلات الثورة وانقلاباتها؛ وحجته في ذلك: نبض الشعب الثائر ورغبته، من دون الاكتراث بأن نبض الشعب الثائر وقتها كان مشوّشاً بسبب العنف والقتل، وأن هذا النبض كان يحتاج توجيهاً مدنياً سياسياً ليأخذ دوره الحقيقي في الثورة والتغيير، بدلاً من حرف الثورة والتغيير عن مسارهما المأمول.

اعتبر المثقف العضوي السوري أن مجرد وقوفه مع خيارات الشعب هو التزام منه بدوره بصفته مثقفاً عضوياً، من دون أن يضع موقفه قيد التأمل والتشريح والنقد، من دون أن يتساءل، أساساً، هل خيارات هذا الشعب واعية أم

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح