يتسلل أردنيون إلى مكة المكرمة عبر طرق وعرة تمر بالوديان المحيطة بأم القرى التي يقصدها من لم يصبهم الدور لأعوام عديدة أو فقراء يدفعهم الشوق إلى مخالفة القوانين المحلية والسعودية التي تحظر أداء المناسك عبر تأشيرات الزيارة ببطء شديد يمر الوقت على الأربعينية الأردنية أم حمزة وقريبتها التي تشاركها غرفة فندق في مكة المكرمة بعدما ألقت الشرطة السعودية القبض على شقيق الأولى خلال رحلته إلى مدينة جدة 80 كيلومترا غرب مكة وبينما تنتظران ما ستقرره السلطات السعودية بحقهما يحاول الرجل دخول مكة مرة أخرى سالكا إحدى الطرق غير المأهولة لأم القرى وتحركت السيدتان والرجل بسيارتهم الخاصة من الأردن مباشرة في اتجاه مكة بعدما حصلوا على تأشيرة زيارة راغبين في أداء فريضة الحج دون تصريح قبيل منتصف شهر ذي القعدة 23 مايو أيار الماضي واستقروا بأحد فنادقها البعيدة عن المسجد الحرام وخاض ثلاثتهم الرحلة رغم معرفتهم خطر الإبعاد إذا ضبطتهم الشرطة تقول أم حمزة وهي أرملة تعول ثلاثة أبناء لـالعربي الجديد إنها لا تملك المال الكافي للحج النظامي الذي تراوح كلفته في الأردن بين 3310 دنانير 4671 دولارا أميركيا و7000 دينار 9879 دولارا بينما لم تتكلف سوى ألف دينار 1411 دولارا قيمة التأشيرة وكلفة الإقامة والمعيشة في السعودية وتعتبر أم حمزة نفسها محظوظة لأنها لم تدخل ضمن 321 ألف شخص تم إبعادهم عن السعودية بينهم 153 ألفا و998 أجنبيا دخلوا بتأشيرات زيارة وكانوا ينوون الحج دون تصريح بحسب إفادة مدير الأمن العام في السعودية الفريق محمد البسامي الذي كشف في مؤتمر صحافي عن ضبط 64 ألف شخص حاولوا نقل الحجاج غير النظاميين في الموسم الحالي إلى المشاعر المقدسة يعملون مع 140 شركة حج وهمية التسلل إلى مكة عبر الوديان رصدت وزارة الحج والعمرة السعودية إعلانات لشركات وحسابات وهمية على منصات التواصل الاجتماعي تدعي تنظيمها رحلات الحج بأسعار مغرية وفق ما نقلته وكالة الأنباء السعودية عن مصدر في 26 إبريل نيسان الماضي مشددا على أن القدوم لأداء فريضة الحج لا يتم إلا من خلال الحصول على تأشيرة حج صادرة عن الجهات المعنية في المملكة العربية السعودية بالتنسيق مع مكاتب شؤون الحج فيها في الدول الأخرى 2000 دولار قيمة خدمات الحج المخالف للقوانين تصريحات الوزارة كانت خيط البداية الذي تتبعته معدة التحقيق لترصد تعليقات المئات من الحجاج غير النظاميين في مجموعات بمنصات وتطبيقات التواصل تعمل كقنوات تواصل بينهم لنشر التحذيرات من أماكن دوريات الأمن السعودي وحملاتها التفتيشية فـلا يمكن للحاج المخالف الخروج حتى لشراء الخبز لأن دوريات الشرطة تنتشر بكثافة في شوارع مكة ما يزيد خطر ضبطهم حال استوقفت الشرطة أيا منهم وطلبت الاطلاع على تصريح الحج والبطاقة التعريفية الخاصة به بالإضافة لسوار المعصم الذي يحمل كل بيانات الحجاج النظاميين والذي عممت السعودية عليهم ارتداءه بدءا من موسم حج 2016 ويحظر على حاملي تأشيرات الزيارة بكافة أنواعها الوجود في مكة المكرمة خلال الفترة بين 23 مايو أيار وحتى 22 يونيو حزيران الجاري الموافق 15 ذي الحجة أي بعد انتهاء مناسك الحج وفق ما أعلنته وزارة الداخلية السعودية عبر حسابها بمنصة إكس والتي تطاردهم باعتبارهم مخالفين لأنظمة وتعليمات الحج وتفرض عليهم غرامة قدرها 10 آلاف ريال 2665 دولارا بغض النظر عن جنسيتهم أو وضعهم القانوني كما يتم ترحيل المقيمين المخالفين إلى بلدانهم وحظر دخولهم مرة أخرى للبلاد ويعاقب كل من ينقل المخالفين بالسجن لمدة تصل لستة أشهر وغرامة تصل لـ 50 ألف ريال 13 326 دولارا ومصادرة وسيلة النقل مع ترحيل الناقل المخالف إذا كان مقيما بعد تنفيذ العقوبة ويمنع من دخول المملكة وفقا للفترات المحددة بموجب النظام لماذا تصاعدت الظاهرة لم تردع العقوبات عشرات الشركات التي تنشط في دول عدة من بينها الأردن حيث رصدت معدة التحقيق عشر شركات تقدم خدمات التسفير لراغبي الحج دون تصريح بكلفة تراوح بين 1300 و1500 دينار أردني 1834 2117 دولارا إما برا عبر معبر العمري الحدودي بين الأردن والسعودية ثم إلى مدينة جدة ومنها يركب الحجاج المخالفون سيارات دفع رباعي خاصة تسلك بهم طرقا غير مأهولة ووديانا حتى تتجاوز كل النقاط الأمنية ودوريات الشرطة المنتشرة على الطرق الرئيسية وتنزلهم قبل مسافة ما بين كيلومتر إلى كيلومترين يمشونها نحو مكة المكرمة أو جوا عبر مطار الملك عبد العزيز الدولي بمدينة جدة ليسلك الحجاج المسار البري نفسه وصولا إلى مكة المكرمة وادعت معدة التحقيق أنها تسعى للحج عبر تأشيرة زيارة وتواصلت مع شركتين للنقل البري إحداهما في محافظة الزرقاء 20 كيلومترا شرق عمان والأخرى لها عدة فروع في مختلف مدن الأردن أكدت الأولى إمكانية السفر والحصول على التأشيرة مقابل 225 دينارا 317 دولارا بالإضافة لكلفة السيارة التي ستدخلها إلى مكة المكرمة والبالغة في المتوسط 500 ريال سعودي 133 دولارا توزع على عدد الركاب في السيارة وعليها تدبير السكن والمواصلات والمعيشة داخل مكة المكرمة يصل الحجاج غير النظاميين إلى مكة عبر الأودية والطرق الجبلية لقد تأخرت يوضح ممثل الشركة قائلا أنه كان عليها السفر قبل شهر من موسم الحج حتى تضمن أداء الفريضة مؤكدا أنها إذا وصلت للسعودية قبل يوم عرفة بأيام قليلة فربما لا تتمكن من دخول مكة وهو ما يتطابق مع إفادات حجاج مخالفين بأنهم دخلوا مكة المكرمة بتأشيرات الزيارة قبل موسم الحج بفترات تراوح ما بين 25 و45 يوما ولم تبدأ محاولة آلاف الحجاج الأردنيين لأداء الفريضة دون تصريح أول مرة في موسم الحج الحالي إذ يؤكد الرئيس السابق للجنة السياحة الدينية بجمعية وكلاء السياحة والسفر الأردنية بلال روبين أنها تعود لسنوات عديدة لكنها زادت بشدة خلال السنوات الأخيرة وخاصة في الموسم الحالي بعد التسهيلات الكبيرة التي أقرتها السعودية على تأشيرات الزيارة في يونيو حزيران 2023 ما مكن مئات آلاف الأردنيين من الحصول عليها ودخول السعودية في أي وقت ويؤكد الموظف في الشركة الثانية تسهيل سفر أعداد كبيرة بتأشيرات زيارة لكنه وصف وضعهم حاليا أنهم خائفين وكأنهم في سجن مشددا على علم كل الحجاج بعدم قانونية الحج بهذه الطريقة لكنهم أوكلوا أمرهم لله يقول الرجل ورفض الإفصاح عن خط سير واضح للرحلة البرية مكتفيا بالقول إنها ستكون من عمان إلى مكة مباشرة وإن الشركة تعين مرشدا لقيادة الرحلة حتى يعود الحجاج معه بعد انتهاء الشعائر وتخضع كل الحافلات المتجهة إلى مكة لتشديد أمني مكثف ويقول حجاج أردنيون نظاميون لـالعربي الجديد إن شرطيا يفتش الحافلات قبل تحركها من جدة أو المدينة قاصدة مكة المكرمة ويتأكد من حمل كل فرد تصريح الحج الخاص به ويضع على باب الحافلة ملصقا يمنع شقه أو إزالته حتى تصل الحافلة إلى مكة واتفق الموظفان على أن موسم الحج هذا العام يشهد تشديدا أمنيا غير مسبوق ما دعا الشركات العاملة بهذا النشاط للتنبيه على عملائها بعدم الخروج من الفندق نهائيا وتعيين مندوبين لتلبية احتياجاتهم اليومية وقال الموظف في الشركة الثانية إن اعتراف أحد الحجاج على الشركة من شأنه تطبيق عقوبات نقل الحجاج بدون تصريح على الشركة وممثليها لكنه في الوقت نفسه يستدرك قائلا إن الشرطة عندما تقبض على الحجاج المخالفين تنقلهم إلى جدة دون إلزامهم بدفع الغرامة حسبما أكد حجاج مخالفون لـالعربي الجديد وسرعان ما يبحثون عن سيارة تدخلهم تهريبا إلى مكة عبر أحد الوديان المحيطة بها مقابل 500 1000 ريال سعودي للفرد الواحد بين 133 و267 دولارا إذ تكثف الدوريات الأمنية نشاطها في كل الطرق الرئيسية والفرعية المؤدية لمكة المكرمة لكن حجاجا آخرين أكدوا لـالعربي الجديد ارتفاع أجرة سيارات التهريب لتراوح ما بين 400 و600 دينار 564 846 دولارا وأن عليهم المشي لمسافة تزيد على كيلومتر في أحد الوديان حتى يعودوا لمكة مفسرين ارتفاع السعر لزيادة الطلب من قبل المبعدين عن مكة حبس اختياري تبلغ حصة الأردن من الحجاج هذا العام ثمانية آلاف حاج من أصل 23 ألفا سجلوا رغبتهم في الحج من مواليد عام 1970 وما قبله بالإضافة 4500 حاج من مسلمي 1948 يمرون من الأردن في قوافل الحج بالتنسيق مع وزارة الأوقاف ومكاتب الحج والعمرة الأردنية وبحسب وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردني محمد الخلايلة فإن الوزارة أجرت قرعة لاختيار ألف مواطن من مواليد الفترة ما بين الأول من يوليو تموز 1952 والحادي والثلاثين من ديسمبر كانون الأول 1970 للسماح لهم بالحج في الموسم الحالي إذ تستند الوزارة في اختيارها على معيار منح التأشيرة للأكبر سنا وهو ما لم يكن متوفرا لدى أم حمزة ومرافقيها ويقضي الحجاج المخالفون أسابيع متخفين في أحياء مكة المكرمة البعيدة عن المسجد الحرام ومن بينهم الخمسيني مأمون وزوجته الأربعينية إذ لم يخرجا منذ ما يزيد على ثلاثة أسابيع من شقة وفرتها لهما إحدى الشركات بحي العزيزية البعيد نحو ستة كيلومترات عن المسجد الحرام يقول مأمون لـالعربي الجديد إنه يسكن غرفة بشقة مكونة من ثلاث غرف برفقة عائلتين أخريين وفي بداية سكنهما كانت زوجته هي التي تقضي حاجات الأسرة من غذاء ودواء لكن منذ بداية يونيو حزيران زاد التشديد الأمني ما دعا الشركة لتوفير مندوبين لأداء تلك المهمة ورغم ذلك يخشى مداهمة الأمن السعودي لمقر إقامته وزوجته مثلما حدث مع مخالفين آخرين ننتظر بفارغ الصبر يوم عرفة من أجل الإحرام ثم الدخول بين الحجاج النظاميين يقول مأمون مستبعدا أن يضبطهما الأمن إذا نجحا في الاندساس بين النظاميين لكن مساعي مأمون وغيره للتسلل مهددة بالفشل إذ يستبعد المتحدث باسم وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية علي الدقامسة تسلل الحجاج غير النظاميين لخيام أفواج الحج الأردنية في يوم عرفة ويقول بينما هو ضمن أفراد بعثة الأردن للحج هذا العام لـالعربي الجديد إن سوارا إلكترونيا في معصم كل حاج نظامي يظهر على الماسح الضوئي معلوماته الكاملة وفي 8 و23 مايو أيار الماضي أطلقت وزارة الأوقاف الأردنية تحذيرين للمواطنين الأردنيين من الحج بدون تصاريح مشددة على وجوب أداء فريضة الحج عبر تأشيرات معتمدة فقط ودعت المواطنين للحذر وتجنب ما سمتها شركات وحملات وحسابات وهمية على وسائل التواصل الاجتماعي تزعم تنظيمها رحلات بتأشيرات زيارة على أنها تصلح للحج ووفق الرئيس السابق للجنة السياحة الدينية بجمعية وكلاء السياحة والسفر الأردنية بلال روبين فإن وزارة الأوقاف الأردنية عممت على جميع شركات الحج والعمرة بعدم تسهيل الحج لحاملي تأشيرات الزيارة لكن بعض الشركات لم تلتزم بهذا التعميم خاصة مع ارتفاع الطلب على هذه الخدمة بفعل فارق الكلفة الكبير بين الحج النظامي وغير النظامي الخطر مستمر حتى المطار لا تخلو طريق عودة الحاج المخالف من المخاطر وفقا للخمسيني الأردني عبد الرحيم محمد الذي خاض تجربة الحج المخالف العام الماضي إذ تنتشر على طرق الخروج من مكة دوريات أمنية مكثفة تفتش على تصاريح الحج لدى الخارجين قائلا لـالعربي الجديد إن دورية ضبطته في يوم 17 ذي الحجة أثناء توجهه لمدينة جدة ووجد نفسه مضطرا لدفع غرامة 10 آلاف ريال لم تكن متوفرة معه فاضطر للاستدانة مع بعض معارفه وحررت بصماته في أحد مقار وزارة الحج والعمرة السعودية بالمدينة المنورة وأبلغوه بمنعه من دخول السعودية لمدة خمس سنوات ونفى أربعة من الحجاج المخالفين أن تكون الشركات أبلغتهم بهذا الإجراء الأخير وقال مأمون إن الشركة أبلغته وزوجته فقط بأمر الدوريات الأمنية خلال موسم الحج وإنه يخشى ضبطه إذا ما نجح في التسلل بين الحجاج فلا معارف له في السعودية يقرضونه وتبدو حساسية الأمر في أن جواز الحج بدون تصريح أو بتأشيرة غير صالحة أصبح مثار جدل فقهي فالمفتي العام للسعودية عبدالعزيز آل الشيخ أفتى بعدم جوازه وأن الحاج من دون تصريح آثم مستندا إلى فتوى بوجوب طاعة ولي الأمر لكن دار الإفتاء المصرية أفتت عبر صفحتها الرسمية بمنصة فيسبوك بصحة الحج دون تصريح أو بتأشيرة مزورة مع إثم فاعله وقالت إن تأشيرات الحج من جملة القوانين التنظيمية المباح تشريعها لتحقيق مصلحة الفرد والمجتمع ويجب الالتزام بها ويحرم تزويرها فإن خالف بعض الأفراد فأدوا الحج بتأشيرات مزورة عالمين بذلك فقد ارتكبوا إثما عند الله ومخالفة دنيوية تستوجب العقوبة مع صحة الحج