عن المبادرة السعودية مرة أخرى

عند الإعلان عن المبادرة السعودية في شهر مارس (آذار) 2021، كتبت في هذه المساحة أنه ليس من الضروري تصور أن القبول ببنودها سيجلب السلام، لأن التفاصيل التي تلزم للتنفيذ هي بلا شك في حاجة أولاً إلى تثبيت مراحلها الزمنية بصورة واقعية ومرضية، ولن يكون ذلك سهلاً بعد هذه السنوات الست، وثانياً إلى اقتناع الأطراف كلها بأن السلاح لن يحقق انتصاراً مهماً تصور أحدها أنه قادر على انتزاعه، وثالثاً أن التنازلات التاريخية صارت هدفاً ووسيلة في آن، فمن دونها لن تتزحزح المواقف، وستبقى قضية السلام بعيدة المنال.
وأكدت أنه يقع على الحوثيين الجزء الأكبر والأهم من المسؤولية الأخلاقية والوطنية في القبول بمبادئ المبادرة السعودية، وليس في ذلك ما ينتقص من قوتهم على الأرض وسيطرتهم على أجزاء مهمة من الجغرافيا اليمنية، وعلى رغم تشكيك الغالبية العظمى من اليمنيين في رغبة الجماعة بإنهاء الحرب، وأنهم يرون فيها وقود استمرار تماسك هيكلهم التنظيمي والعقدي، إلا أن كل الرسائل التي يرسلها لهم اليمنيون والإقليم والمجتمع الدولي تؤكد وتضمن لهم المشاركة في الحكومات المقبلة، ولست على يقين أنهم قد أدركوا بعد السنوات الست الماضية، وقبلها الحروب الست (2004 – 2010) أن السلاح وحده لا يكفي لضمان البقاء ولحل المشكلات الحقيقية، وأنه على رغم ما حققوه من بسط لنفوذهم وسيطرتهم على مناطق كبيرة، لن يمنحهم الضمانات الكافية للاستمرار في فرض أهوائهم ورغباتهم على الغالبية العظمى من المواطنين.
صحيح اليوم أن الأوضاع على الأرض قد تغيرت، لكن الغاية التي ينشدها المتضررون من الحرب لم تتبدل، بل على العكس تماماً، فإن أحوالهم ازدادت سوءاً على رغم توقف المعارك منذ الثاني من أبريل (نيسان) 2022 بدخول الهدنة حيز التنفيذ وجرى بعد ذلك تمديدها عملياً، وخلال الفترة التي تلتها تمكنت الأمم المتحدة من رعاية أكثر من عملية تبادل للأسرى والمحتجزين، وهي خطوة إنسانية عظيمة على رغم أنها بينت المأساة الأخلاقية المتمثلة في إبقاء كثير من اليمنيين مغيبين في سجون يمنية وجعلهم أدوات للمقايضة بين سجانين يمنيين.
وعلى رغم العراقيل التي واجهتها
ارسال الخبر الى: