اللعب بالجنود لطارق عسراوي وجه آخر للانتفاضة

27 مشاهدة

سوف تقع هذه الحكاية كل يوم، بين عامي 1987 و1990. الحكاية المقصودة هي الانتفاضة الفلسطينية الأولى، أو انتفاضة الحجارة؛ حكاية كبرى تُقاربها رواية اللعب بالجنود (منشورات تكوين، الكويت، وطباق للنشر، رام الله) للروائي الفلسطيني طارق عسراوي، انطلاقاً من فتات محكياتها الصغرى، مؤطِّرةً عتبتها بهذه الإشارة التي تُضيء، استباقاً، زمن النص، قبل أن يردفه المكان، ممثَّلاً بمدينة جنين الفلسطينية في الضفة الغربية.

تغور الرواية في العالم السفلي لفتية تلك الحقبة، مُؤرِّخةً لطفل الحجارة، بتقمُّص صوته نفسه. لذا، يتحقق السرد بمقاربة الوعي المركزي لأبطال المروية، من صبية لا تتجاوز أعمارهم الرابعة عشرة، عالقين في برزخٍ مزدوج: بين الاحتلال وتوق التحرر، وبين الطفولة ونُذُر المراهقة.

ثمة طفلان في واجهة المحكية: زياد وتميم، الجاران، وابنا الصديقين القديمين. يدأبان على مواجهة الاحتلال بـاللعب، واللعب هنا هو اللعب بالجنود، عبر خدعٍ طفولية، كتمويه جسد راديو قديم ليُوحي بأنه قنبلة، أو برفع العلم الفلسطيني أعلى شجرة سرو، أو بإلقاء زجاجات مولوتوف على رئيس البلدية.

ينبثق الصراع من داخل عالم الطفولة نفسه، الذي لا يُقدَّم كنسيجٍ متجانس، بل ينطوي على تناقضاته العميقة وشقاقاته، التي يمكن ردّها إلى شقاقات الكبار في المستوى الأعمق من المسألة الفلسطينية. ثمة الطفل المُتجنَّب، يمثله أيمن، المتطفل والحشري، الذي لا يحفظ سرّاً، في عالمٍ نجاته موقوفة على حفظ السر. وثمة الطفل المنبوذ كليّاً، يُمثِّله جميل، ابن المفيد رئيس البلدية، المتعاون مع سلطة الاحتلال، ذراعاً للضابط أسد. جميل محرومٌ من الالتحام بأقرانه، لأنه ابن جاسوس، وربما يمثل أكثر أطفال المروية تعقيداً، حين يظهر في مشهدٍ متقدم وهو يبصق في كوب الماء قبل أن يقدمه لأبيه، وحين يُستدعى تاريخه، الذي أرجأ الساردُ التعريج عليه، كابنٍ متروك للأب بعد أن هجرته الأم لعمله مع سلطة الاحتلال. وفوق ذلك، وفي إشارةٍ دالة، هو الوحيد الذي يخشاه أبوه، في هذا العالم الأبوي الخاضع بالكامل للسلطة الأبوية. إنه إشكالية حقيقية لذاتٍ فلسطينية محاصرة بإرثٍ يمثل كل ما لم تقترف، في لحظةٍ وجودية قاسية ومبكرة.

جبهات متوازية إذن، ينتجها نسقُ

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح