ودعت الكويت الثلاثاء الماضي الشاعر يعقوب يوسف السبيعي عن عمر 79 عاما بعد صراع مع المرض علما أن له إسهامات بارزة في الحركة الثقافية الكويتية كما ذاع صيته في القصائد المغناة لسهولة الكلمة وعذوبتها في شعره ولد الشاعر يعقوب السبيعي عام 1945 في حي المرقاب وسط العاصمة الكويت وتلقى تعليمه الأساسي في البلاد وهو من خريجي ثانوية الشويخ التي كانت الثانوية الوحيدة في الكويت والتي بدأت الدراسة فيها لأول مرة عام 1953 وكانت مدرسة داخلية مساحتها نحو 2 5 مليون متر مربع واعتبرت محليا في حينها بمثابة الجامعة قبل أن تتحول رسميا فيما بعد إلى جامعة الكويت عام 1966 بدأت موهبة السبيعي تتكشف أثناء وجوده في ثانوية الشويخ تحديدا في ظل مكوثه في السكن الداخلي لمدة أربع سنوات وانكب في مكتبة المدرسة على كتب التراث العربي كما بدأ نسج أولى قصائده فيها وبعد حصول السبيعي عام 1964 على شهادة الثانوية العامة عمل محققا لمدة عام تقريبا في وزارة الداخلية الكويتية ثم عمل في بنك الكويت الوطني حتى عام 1968 وهو ما لم يطقه طويلا في الوقت الذي بدأ فيه نهر موهبة الشعر لديه يحفر مجراه فاتجه إلى العمل موظفا في جامعة الكويت في مكتب الأمين العام وهناك واصل الانكباب على شتى المعارف والعلوم وقد واصل عمله في الجامعة حتى تقاعده في التسعينيات انضم يعقوب السبيعي إلى رابطة الأدباء عام 1969 ونشر أولى قصائده عام 1970 بعنوان عطر الحديث في مجلة البيان التابعة للرابطة قبل أن يصدر ديوانه الأول عام 1979 والذي حمل اسم السقوط إلى الأعلى من 26 قصيدة تلاه الديوان الثاني مسافات الروح عام 1985 من 27 قصيدة ثم ديوانه الصمت مزرعة الظنون عام 1989 من 20 قصيدة والذي نال جائزة الدولة التشجيعية في مجال الآدب جائزة الشعر وأخيرا ديوان إضاءات الشيب الأسود عام 1997 من 27 قصيدة والذي طبع بدعم من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وله كتاب أوراق كتابات أدبية الذي طبع عام 1996 من قبل وزارة الإعلام الكويتية ويتضمن مجموعة مقالات نقدية أيضا نشر ما يقارب 90 قصيدة في مختلف المجلات المحلية والعربية من بينها مجلة العربي ومجلة البيان وغيرها من الصحف اليومية الكويتية وخلال انخراط السبيعي في رابطة الأدباء تولى عضوية مجلس الإدارة وتقلد منصب أمين سر الرابطة خلال أعوام ما بين 1986 و1992 وأثناء ذلك باشر مهام سكرتير تحرير مجلة البيان ومنذ ذلك الحين واصل حضوره الدائم إلى الرابطة حتى انقطع قبل بضع سنوات نتيجة المرض كما تولى خلال حياته مهام متعددة ذات الصلة بنشاطه العام من بينها عضو لجنة التحكيم لجائزة البابطين الشعرية وعضو لجنة دعم المؤلفات الإبداعية في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وعضو لجنة النصوص ولجنة الاستماع إلى الأغاني في وزارة الإعلام وعضو إداري في فرقة التلفزيون وكرم بجائزة الدولة التقديرية عن مجال الشعر عام 2015 كما كرم عام 2010 من قبل قسم اللغة العربية في كلية الآداب جامعة الكويت في يوم الأديب الكويتي والذي احتفت به بهذه المناسبة رابطة الأدباء في عدد خاص شمل مقالات ودراسات حول شعر السبيعي والتي وصفته في عنوان العدد بـشاعر الزمان والمكان كما أطلقت مجلة العربي على السبيعي لقب شاعر الحب والغزل فبحسب الأكاديمي والشاعر الكويتي سالم خدادة والذي أعد دراسة بعنوان شعر يعقوب السبيعي قراءة في الإيقاع فإن أكثر من 60 من قصائده في حقول المرأة والغزل والحب والأخيرة تشتمل على حب الوطن يعد يعقوب السبيعي من رواد الشعر في الكويت وينتمي إلى الجيل الثالث المجدد في حركة الشعر الكويتي برفقة الشاعرين خليفة الوقيان وعبد الله العتيبي بعد رائد الجيل الأول الشاعر فهد العسكر والجيل الآخر الذي في مقدمته الشاعر أحمد العدواني خاصة أنه إلى جانب اشتغاله على كتابة القصيدة العمودية بلونه الخاص شق الطريق في كتابة الشعر الحديث على وزن التفعيلة واشتهر السبيعي بقصائده الوطنية ذات اللغة البليغة وغير المتكلفة حيث يسهل حفظها ويطرب تردادها وهو ما دعا وزارة التربية الكويتية إلى تضمينها في مناهج اللغة العربية حيث نشأت معظم الأجيال الكويتية خلال ما يزيد على العقود الثلاثة الأخيرة على حفظ قصائده أيضا ذاع صيته في القصائد المغناة لسهولة الكلمة وعذوبتها في شعره والتي بلغت أكثر من 50 أغنية أداها عدد من كبار المطربين منها عصفورة ووردة وتوشحت من غناء عبد الكريم عبد القادر و يا قربك لي من غناء محمد المسباح وسلام سلام من غناء عبد الله الرويشد وتدور النجوم من غناء نبيل شعيل كما غنيت له العديد من الأغنيات والأوبريتات الوطنية منها أوبريت مسافة المحبة في مهرجان القرين الثقافي الأول عام 1994 وأوبريت وتبقى الكويت من غناء الفنان عبد العزيز المفرج المعروف باسم شادي الخليج عام 2014 الذي أدى له أيضا أغنية يا قائد العمل النبيل عام 2018 في الذكرى الرابعة لتكريم الأمم المتحدة أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بتسميته قائدا للعمل الإنساني ودولة الكويت مركزا للعمل الإنساني ومن أشهر قصائده الوطنية المغناة على الإطلاق أغنية كلنا للكويت والكويت لنا عام 1986 من غناء نوال الكويتية وعبد المحسن المهنا وعادل الرويشد وأغنية هلي على الكويت يا شمس الأعياد عام 1989 من أداء فرقة التلفزيون والتي يعيد تلفزيون دولة الكويت الرسمي بثها سنويا في ليلة عيدي الفطر والأضحى شارك السبيعي في العديد من المهرجانات والمؤتمرات والأمسيات الشعرية والأسابيع الثقافية داخل البلاد وخارجها كان أبرزها ليالي الكويت الثقافية في البلقان في البوسنة والهرسك عام 2012 وهو ممثل الشعر في الكويت إلى مهرجان ستروجا في يوغوسلافيا وإلى مهرجان بهويال في الهند ونعى المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الشاعر يعقوب السبيعي برحيله قائلا إنه قامة ثقافية كبيرة بإسهاماته البارزة في الحركة الثقافية بالكويت والوطن العربي إلى جانب أعماله الرائدة في الأغنية الوطنية وله العديد من القصائد الشعرية التي اتسمت بالجمال والمعاني الإنسانية الراقية ولقد درست نماذج من شعره في المناهج التعليمية