الكراهية المتأدبة في سيرة المشهد الثقافي التونسي
لا يُستحضر اسم حسونة المصباحي، الكاتب الذي غادرنا قبل بضعة أسابيع، في أحيان كثيرة، مقترناً برواياته أو ترجماته فحسب، بقدر ما يقترن بالخصومات الكبيرة التي خاضها لعقود مع جلّ أدباء الوسط الثقافي التونسي أو بآرائه الحادة التي لم يتوان عن التصريح بها، سواء في منشوراته أو مؤلفاته العديدة، خاصة تلك التي خصصها لسيرته. سيرة، على عكس السائد في المدونة الأدبية التونسية، لم تكن متأدبة بالشكل الذي يستسيغه الوسط الثقافي التونسي.
من القيروان إلى ميونخ مروراً بطنجة، مدن ووجوه أثّثت عوالم رواية ليلة حديقة الشتاء (2023). لم تكن هذه الليلة مجرد رواية، إذ بثّ فيها المصباحي أجزاءً من تجربته، وهو الذي أمضى في ميونخ عشرين عاماً قبل العودة لتونس. ومع ذلك يبقى هذا العمل رواية، وإن تسربت لها ملامح من السيرة والذاكرة. وربما في مسيرة حسونة كلّها لن نجد عملاً سيريّاً بامتياز مثل كتابه بحثاً عن السعادة، والذي خصّصه لقسم من سيرته الذاتية، وتحديداً علاقته بالكتب، بداية من مصحف عمّه في قريته بالعلا وصولاً إلى مجموعات رامبو الشعرية في باريس وريلكه في ألمانيا. من خلال هذا العمل، حوّل حسونة عمله الأدبي لمشروع تأريخ ضمني لأسماء وأحداث وتجارب أدبية عاصرها ووثّقها. وهو تقليد لم يسبق للكتابة التونسية، أدباً وفكراً وتاريخاً، أن اعتادت عليه بالشكل الكافي.
المصباحي نفسه لم يتحول نحو مثل هذه الكتابة بقوة إلا في مرحلة موالية للبحث عن السعادة، تحديداً مع عمله القصير أحلام أولاد أحمد الضائعة (2018)، وهو كتاب قصير جمع فيه نتفاً من تجربته مع الشاعر الصغير أولاد أحمد وبعضاً من رسائلهما الشخصية المتبادلة في نهاية تسعينيات القرن الماضي وبداية الألفيات. وعلى غير المتوقع، جاء الكتاب صادماً للكثيرين. فالمصباحي لم يتوان عن توجيه النقد الشديد لأولاد أحمد في أكثر من موضع، سواء ما يتعلق بتجربته الشعرية أو بمواقفه السياسية التي لم يتردد في وصفها بالطابع القبلي، إضافة لنشره رسائل شخصية لم يخل بعضها من إشارة وتعريض بأسماء أدبية وثقافية محلية. وهو ما لم
ارسال الخبر الى: