الكتاب ذلك المجهول مصباح الغوري

61 مشاهدة
سيأتي زمان على الناس تنعدم فيه كل أدوات المعرفة الجادة وأولها الكتاب الذي انصرف عنه الناس عامتهم وخاصتهم منذ فترة وستزداد حدة هذا الانصراف حتى يصبح الكتاب مجهولا بعد أن كان خير جليس وخير رفيق في الحل والترحال هذه ليست نبوءة ولكنها قراءة متأنية لسيرورة التراجع العلمي والمعرفي الذي يتسع في حياتنا يوما بعد آخر كان الكتاب سوقا عامرا فكسد وحلت محله القرطاسيات وكان مكتبات عامة غاصة بمرتاديها فانفض جمعها وأغلقت أبوابها وكان ثمرات مطابع وتنافس دور نشر فأجدبت هذه وصمتت تلك وكان مكتبات خاصة في البيوت فأكلتها الأرضة وران عليها غبار التعامي والنسيان وحلت محلها الشاشات البراقة الملونة والهواتف المحمولة وغادر الكتاب كل منابره الآهلة ولم يبق له إلا مساحة ضئيلة في قاعات الدراسة وحتى هذه يراد لها اليوم أن تضعف وتضعف حتى تنطفي فكل مجريات الواقع اليوم صارت ضد التعليم وضد الكتاب وضد أن يمتلك الإنسان ولو نسبة قليلة من الوعي وبذلك يخرج الكتاب من حياتنا خروجا كليا ويصبح ذلك المجهوووول وقضية العزوف عن الكتاب قضية في غاية الخطورة لأنها السبب الرئيس في غياب الوعي وكل النوازل المحيطة بنا اليوم سببها غياب الوعي وهكذا يصبح الكتاب مسألة حياة أو موت على أن هذه الأزمة المعرفية لا علاقة لها بالمرحلة التكنولوجيا التي نعيشها فالكتاب لا يزال حاضرا في الغرب رغم التقدم التنكنولوجي الكبير في وسائل المعرفة وكمثال على ذلك فإن أصغر دولة في الاتحاد الأوربي أصدرت من الكتب الثقافية والمعرفية خلال العام 2023 أضعاف ما أصدره الوطن العربي بأقطاره التي تصل حتى كتابة هذا الخبر إلى اثنتين وعشرين دولة كل هذا ولديهم وسائل التواصل الاجتماعي وشبكات الأنترنت المتنافسة والرخيصة وكل الملهيات الصارفة عن القراءة ومع ذلك ما يزال للكتاب الورقي حظوة لديهم وما يزالون يقرؤون وكبديل للكتاب الورقي يحل الكتاب الإلكتروني بصيغه المختلفة بديلا مفترضا يتماشى مع مختلف أجهزة الاتصال المتوفرة لإنسان اليوم من هواتف وحواسيب وغيرها بل إن بعض برامج العرض حاكت الكتاب الورقي كثيرا في طريقة فتحه وتقليب صفحاته وربط عناوين المحتوى بالفهارس وغير ذلك من شروط التسهيل غير أن الإحجام عن هذه النوعية من الكتب لا يزال متسيدا لسبب بسيط هو أن الإنسان العربي اليوم اتخذا موقفا صارما من القراءة والتثقيف بأي وسيلة كانت واختطفته عن الكتاب شواغل كثيرة ذهبت به بعيدا عن القراءات الجادة وأصبحت عيناه لا تقع قارئة إلا على سطور مستعجلة في هاتفه أو حاسوبه المحمول ومن ثم يمكن القول أن من أهم أسباب العزوف عن قراءة الكتاب اليوم هو الكسل الذهني الذي أنتجته تلك الشواغل العديدة التي استولت على الذهنية العربية وكرست فيها الشهية الاستهلاكية على حساب الوعي والثقافة ومصادرهما المتنوعة والمعتبرة وثمة سبب آخر وجيه لهذا العزوف القرائي يتمثل في سعي منابر التغريب والتخريب إلى جعل العرب أمة لا تقرأ وبنظرة سريعة إلى كمية الألعاب الإلكترونية التي تنزل السوق وتستهدف الناشئة وهم في طور التكوين المعرفي نجد وفرة مهولة من هذه الألعاب المثيرة المدهشة بما تفرضه من عالم مثير وآسر بديلا عن الواقع البائس المتعثر فأنى لهؤلاء المساكين بعد ذلك أن يتركوا هذه الألعاب الملونة المزركشة التي تخاطب فيهم العنف والغرائز إلى كتاب ورقي أو إلكتروني باهت الخطوط محدود الألوان يقدم المعرفة بأسلوب شاق لا يراعي طبيعة القارئ ولا طبيعة المرحلة ومع كل ذلك فإن الحل ليس في نسيان الكتاب ولا في طلاق المعرفة ولكن في استشعار الأسرة لدورها في هذه المسألة وسعيها الدؤوب في تكريس عادة القراءة لدى أفرادها بشكل إجباري منذ النشأة وهو دور أساس في هذا الشأن وعلى الأسرة أن تفعل كل ذلك دون أن تنتظر من مؤسسات المجتمع مد يد العون لها كالمدرسة والنادي والمسجد فقد تخلى كل هؤلاء عن دورهم المناط بهم ونسوا أن أول ملمح ينبغي أن يبرز في هذه الأمة هو ملمح الوعي وأن أول كلمة خاطب بها الله إنسان هذه الأمة هي إقرأ

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع الصحوة نت لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح