كرة القدم في ملعب الأدب قصص وسير تروي مسار اللعبة
قبل أن يتم عامه السابع عشر، وجد لامين جمال ــ المولود لأب مغربي وأم غينية، والمتألق بقميص برشلونة ــ نفسه في قلب جدل يتجاوز حدود المستطيل الأخضر. لم يكن الأمر يتعلق بمهاراته أو أهدافه، بل بهويته وانتمائه: هل هو إسباني خالص أم انعكاس لتاريخ طويل من التعدد والاختلاط الذي تحاول بعض الخطابات القومية إنكاره؟ فجأة، صار الفتى مرآة لأسئلة عن العنصرية والانتماء والذاكرة الوطنية.
هذا المشهد يذكّر بصفحات إدواردو غاليانو في كرة القدم في الشمس والظل، حيث تتحول اللعبة إلى مسرح للإنسان. لم يكن إدواردو غاليانو في كتابه يراقب الكرة من بعيد فحسب، بل عاشها كأنها مرآة للإنسان. فقد تجاوز فيه الوصف التقليدي للعبة، ليحوّلها إلى نص وجودي، حيث تمتزج المتعة بالمرارة، والبطولة بالخيانة، واللعب بالسلطة. استعارة غاليانو للكرة بوصفها لغة العالم لم تكن مجازاً أدبياً، بل تشريحاً للروح البشرية وهي تركض خلف وهمٍ دائري اسمه الهدف.
كتبَ غاليانو عن اللاعبين كأنهم ممثلون على خشبة مسرح مفتوحٍ، وعن الجماهير كأنهم جمهور أسطوري لا يُشبع. بل إن كرة القدم، في قاموس غاليانو، لم تكن لعبة فحسب، بل قدراً، وحلماً، وهروباً، ومواجهة. من هنا، أصبح كتابه مفتاحاً لفهم التحوّل العميق الذي شهدته اللعبة: من ملاذ شعبيٍّ إلى مؤسّسة عالمية متشابكة، ومن لعب حرٍّ في الأحياء إلى منظومة تسويق ومصالح. على هذا المنوال، بدأت كرة القدم تخرج من حدود الملاعب إلى فضاء الأدب، والقراءات النقدية، والسير الذاتية، والوثائق الثقافية. وشهدت المكتبات في الفترة الأخيرة زخماً لافتاً من الإصدارات الجديدة التي أعادت رسم صورة اللعبة لحظةً وطنية، ومعركةً رمزية، ومنجماً للقصص التي تتجاوز النتائج.
في أميركا اللاتينية
قد يكون كتاب مينوتي: الأول، الذي صدر حديثاً من أبرز هذه الكتب، فهو لا يروي سيرة أول مدرب يُتوّج الأرجنتين بكأس العالم عام 1978 فحسب، بل يطرح رؤيته بوصفه فيلسوفاً للمستطيل الأخضر. ثورة سكالوني كتاب آخر صدر مطلع هذا العام ويروي صعود مدرب شاب أرجنتيني، من الهامش إلى القمة، ومن الشك إلى الإيمان، في سردية
ارسال الخبر الى: