سوق الفن المصري استثمار في الجمال وتمييز طبقي

84 مشاهدة

في مشهدٍ يبدو مُتناقضاً مع الواقع الاقتصادي المتعثّر، شهدت القاهرة خلال العقدين الأخيرين طفرةً في أعداد قاعات العرض الفني. هذا الانتشار اللافت في زمن الركود الاقتصادي يثير تساؤلات جدية حول صمود سوق الفن أمام العاصفة. فلماذا يقتني المصريون الأعمال الفنية؟ وهل يعكس هذا الانتشار الواسع لصالات العرض في مصر سوقاً فنياً رائجاً ومستقراً؟ هل هو تعبير عن شغف حقيقي بالفن؟ أم أنه مجرد سباق نحو الوجاهة الاجتماعية؟ أم أن هناك دوافع أخرى خفية لا نلتفت إليها؟

في كثير من الأحيان، تبدأ رحلة الاقتناء بصدفة عابرة: لوحةٌ تجذب انتباه أحدهم في إحدى قاعات العرض، فيشتريها لتزيين منزله الجديد. لا يلبث هذا الفعل البسيط أن يتحوّل إلى ولع حقيقي. ولا يُعد هذا النمط سلوكاً فردياً استثنائياً؛ إذ تشير دراسة صادرة عن جمعية اقتصاديات الفن (ACEI)، إلى أنَّ نسبة كبيرة من جامعي الأعمال الفنية حول العالم يبدأون مجموعاتهم بدافع التزيين، قبل أن يتحوّل الأمر مع الوقت إلى شغف واهتمام شخصيّ، يتعمّق تدريجياً حتى يصبح من الصعب التخلّي عنه.

لكن، في المقابل، هناك شريحةٌ أخرى من جامعي الأعمال الفنية يلجأون إلى هذا السلوك من باب الوجاهة الاجتماعية. ففي مجتمع يزداد فيه التفاوت الطبقي، يصبح الفن أحياناً وسيلة للتمييز. التمييز هنا لا يعني الجانب الإيجابي المرتبط بالذوق والفن والثقافة، لكنه التمييز الاجتماعي أو ما يُعرف برأس المال الثقافي (Cultural Capital) عند عالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو (1930 – 2002).

لا يُقتنى العمل بسبب جماليته، بل لأنه موقّع من فنان مشهور

هنا، لا يتم اقتناء العمل الفني بسبب مقوّماته الجمالية، بل لأنه موقّع من فنان مشهور أو لأنّه معروض في غاليري فلان، أو لأنه غالي الثمن. الاقتناء في هذه الحالة يتحوّل إلى أداة لتعزيز التمييز الطبقي، فاقتناء لوحة لفنان معروف أو عملٍ نادر يصبح وسيلة لإثبات الانتماء إلى النخبة. وهنا يتحول الغاليري إلى واجهة اجتماعية، حيث تُقاس قيمة العمل بمدى قدرته على إثارة إعجاب الضيوف، لا بمضمونه الفني وقيمته الجمالية.

في القاهرة، لا تخطئ العين

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح