الفخ التركي

٧١ مشاهدة
أثار التحرك التركي في شمال غرب سورية العمل على فتح معبر أبو الزندين قرار حل فصيل صقور الشام إغلاق المعابر بين الأراضي التركية والسورية أسئلة وقلقا بين قوى المعارضة السورية السياسية والعسكرية وتحركا ميدانيا مباشرا ضد فتح المعبر والتفافا على قرار حل فصيل صقور الشام باندماج هذا الأخير مع الجبهة الشامية وتظاهرات ضد الإدارات التركية وضد بعض نقاطها العسكرية كاشفا عن احتقان سياسي واجتماعي كبيرين من النظام التركي ومن الفصائل الموالية له لم يكن التفسير الذي قدمه النظام التركي لهذه الخطوات مقنعا فالقول إن فتح المعبر اقتصادي محض ولا علاقة له بالتطبيع مع النظام السوري كما القول إن قرار حل فصيل صقور الشام هدفه دمج الفصائل الصغيرة في الفرق الكبيرة التابعة للجيش الوطني السوري من أجل تكريس التماسك وتعزيز القدرات والقول إن إغلاق المعابر هدفه احتواء الفوضى وضبط التعديات ليست أكثر من تبريرات هدفها احتواء الرفض الشعبي والفصائلي للموقف التركي من التطبيع مع النظام إذ إن فتح أبو الزندين ليس سوى خطوة اختبارية في طريق فتح الطرق الرئيسة التي تربط الشمال الغربي بحلب واللاذقية ودمشق تمهيدا لتطبيع العلاقات الاقتصادية مع النظام السوري وحل فصيل صقور الشام مرتبط بمقاومة فتح المعبر المذكور ومعارضته التطبيع مع النظام السوري وإغلاق المعابر رسالة صارمة للمعارضة السورية وحواضنها تنطوي على تهديد بقطع الإمدادات الدولية والتجارية وبتجويع سكان الشمال الغربي وكانت لقاءات سياسية قد جمعت بين مسؤولين من الخارجية والاستخبارات التركية مع المعارضة السورية ووجهاء من الشمال الغربي لمناقشة الموقف لكنها لم تقدم إجابات مقنعة ما فسر محاولات من النظام التركي لاحتواء ردات الفعل ووقف التداعيات عبر حديث بالعموميات عن الشراكة السياسية وعن عدم تخليه عن المعارضة السورية وتمسكه بالحل السياسي وفق مقتضى قرار مجلس الأمن 2254 نص على بدء محادثات سلام في سورية ودعا إلى تشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات برعاية أممية وفشلها في طمأنة المعارضة السورية العسكرية على وجه الخصوص فالوقائع في الأرض تقول كلاما مناقضا لحديث المسؤولين الأتراك فما يجري له دلالات مختلفة فاللعبة الرئيسة التي تقودها الاستخبارات العسكرية التركية مع فصائل المعارضة المسلحة هي بذر بذور الخلاف والعداوة بينها ودفعها للاستنفار الدائم في وجه بعضها بعضا كما عدم منحها فرص الاستقرار في المكان عبر تحريكها الدائم من مواقعها إلى مواقع جديدة لمنع تشكل حالات تفاهم وتضامن مع البيئة المحلية عدا عن التمييز بينها بالمعاملة والتسليح وحرية التصرف فالأفضلية للفصائل التركمانية ممثلة بالقوة المشتركة المكونة من فرقتي السلطان سليمان شاه الشهيرة بالعمشات والحمزة الشهيرة بالحمزات لعبة الاستخبارات التركية هي زرع الخلاف والعداوة بين فصائل المعارضة السورية والتغيير الدائم لمواقعها لمنع تفاهمها مع البيئة المحلية لم يكن مصادفة أن تتزامن الخطوات المذكورة أعلاه مع تصريحات القيادة التركية المتواترة عن استعدادها للتطبيع الفوري مع النظام السوري والعمل عبر أقنية أمنية ودبلوماسية لترتيب لقاء بين رئيسي النظامين التركي والسوري في بلد ثالث ما يدلل على عدم صدق وعود النظام التركي وعلى تحركه بدلالة مصالحه فقط وتوظيفه قوى المعارضة السياسية والعسكرية شاهد زور لتبرير خطواته وتزيينها في عيون المواطنين وتسويقها لديهم عبر الادعاء أنها في صالح الثورة السورية وأنها شاركت في صياغتها قبل أن تكشف التسريبات الإعلامية زيف هذه الادعاءات وتكشف الوقائع قسر النظام التركي لهذه المعارضة على التصرف والعمل بالتوجيهات المعطاة لها بدءا بتزيين عمليات دمج الفصائل التي تبين أن هدفها صياغة توازن قوى بين الفصائل المسلحة في شمال غرب سورية تكون الأرجحية فيه لفصائل ولاؤها مطلق للنظام التركي تمهيدا لقيامها بالدور المطلوب عندما يتطلب التحرك السياسي التركي للتطبيع مع النظام السوري مساندة عملية كما سبق وحصل في مفاوضات أستانة حين رتب النظام التركي وفدا عسكريا للتحدث باسم المعارضة في المفاوضات ودلت الوقائع أن الوفد لم يكن له دور في المفاوضات وأنه ذهب ليعلن تفويضه الجانب التركي بالتحدث نيابة عن المعارضة لم تستمر لعبة الاستغباء والخداع التركية طويلا فقد كشفت تسريبات إعلامية تركية حقيقة الموقف التركي ودوافعه والمدى الذي يمكن أن يذهب إليه قال المحلل السياسي التركي سمير صالحة في مقالة له تحت عنوان خلط أوراق في الشمال السوري نشرها في موقع تلفزيون سوريا 22 9 2024 هناك رغبة تركية واضحة بالذهاب وراء الإعداد لخريطة أمنية سياسية جديدة في مناطق الوجود العسكري التركي في الشمال السوري تأخذ بعين الاعتبار التحولات والمتغيرات المحلية والإقليمية والقناعات التي تلتقي حول ضرورة إنهاء الأزمة التي طال أمدها في سورية وحملت كثيرين أعباء باهظة لم يعد من الممكن إضافة الجديد إليها وأضاف تفعيل أنقرة لمنظومة عسكرية أمنية جديدة في مناطق نفوذها في الشمال بالتنسيق مع قوى المعارضة السورية مسألة مرتبطة مباشرة بسيناريوهات الحوار التركي مع النظام في دمشق واحتمالات النجاح والفشل التي تستدعي الجهوزية أمام الاحتمالين وكشف عن مدى التزام النظام التركي بمطالب المعارضة بقوله لا تريد أنقرة فرض خياراتها ومواقفها على شركائها لكنها لن تسمح بعرقلة تحركها المرتبط بوضع أمني ميداني اقتصادي سياسي يستدعي خطة جديدة بديلة في التعامل مع مسار الملف السوري ككل وهو توجه أكده الكاتب التركي فراس رضوان أوغلو في مقالة له تحت عنوان هل لدى تركيا خطة لتعديل وجودها العسكري في سورية نشره في موقع تلفزيون سورية 28 9 2024 قال فيه ربما بعد التفاهم مع النظام السوري يمكن الحديث عن انسحاب القوات العسكرية التركية ولكن من خلال مصطلح إعادة انتشار فهي بذلك لا تحتاج إلى نشر عدد كبير من الجنود بل يمكن أن تحل محلهم قوات تتبع المؤسسة العسكرية للنظام السوري أو قوات مشتركة بين النظام والمعارضة في حال تم ذلك قوات مشتركة بين النظام والمعارضة السوريين ارتبطت دعوات النظام التركي المتواترة إلى النظام السوري للانخراط في عملية تطبيع مباشرة وجها لوجه بتقدير النظام التركي للمتغيرات المحلية والإقليمية والدولية العاصفة والمتسارعة وبضرورة الاستعداد لملاقاتها بترتيبات محلية وإقليمية ودولية تمنحه فرصة مواجهتها والحد من تأثيرها على النظام والمصالح التركية ما جعله في سباق مع الزمن ففي الأفق الانتخابات الرئاسية الأميركية وما يمكن أن تحدثه من تأثيرات في المصالح التركية في حال فوز المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس ستزيد الدعم العسكري لقوات سوريا الديمقراطية قسد وفي حال فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب يمكن أن يقلص الدعم ويمكن أن يسحب القوات الأميركية من منطقة شرق الفرات كما سيكون لنجاح أي منهما تأثير مختلف في الملفات الساخنة العدوان الروسي على أوكرانيا حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الكيان الصهيوني على قطاع غزة والضفة الغربية واحتمال توسع الحرب وتحولها حربا إقليمية واسعة بعد نقل ثقلها إلى لبنان عبر حملة الاغتيالات ضد قيادات وكوادر حزب الله والقصف الجوي المدمر على المدن والبلدات في جنوب لبنان وتمدده إلى معقل الحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت والتوغل البري المحدود وانعكاسات ذلك جيوسياسيا في ضوء إعلان رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو هدفه بتغيير خريطة الشرق الأوسط وعدم استبعاد مهاجمة البرنامج النووي الإيراني في حال القضاء على خطر صواريخ حزب الله البعيدة والدقيقة والقتال الوحشي في السودان واحتمال انفجار مواجهة مباشرة بين إثيوبيا والصومال مع احتمال انخراط دول إقليمية مثل مصر وإريتريا فيها وتحرك النظام الإيراني لإحداث تغيير مذهبي في دول الجوار العربي يمنحه حاضنة شعبية ونفوذا دائما فيها سيتحرك النظام التركي لملء فراغ سحب مقاتلي حزب الله من سورية من دون اعتبار للاعتراض السابق من النظام الإيراني التطورات في لبنان والضربة التي تلقاها حزب الله باغتيال قادته بمن في ذلك أمينه العام جاء اغتيال حسن نصرالله لقطع الطريق على احتمال التفاهم الأميركي الإيراني بعد المقاربة الإيرانية الجديدة للانفتاح على الغرب ووصف الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الأميركيين بأشقائنا وابدى الاستعداد للعودة إلى الالتزام بموجبات الاتفاق النووي في حال عودة الأطراف الأخرى إلى الالتزام بها ودخول إيران في حالة صدمة وجمود إثر اغتيال نصرالله ذلك كله سيزيد زخم تحرك النظام التركي في ملف التطبيع مع النظام السوري مستغلا غياب الممانعة الإيرانية التي عطلت محاولاته السابقة خاصة أن تضعضع حزب الله واضطراره لسحب قواته من سورية سيترك فراغا كبيرا لدى النظام السوري الذي سيزداد ضعفا بسبب ذلك غير قادر على ملئه وروسيا منخرطة في عدوانها على أوكرانيا وتستعد لتغييرات عاصفة في حال فوز المرشحة الديمقراطية في الانتخابات الرئاسية الأميركية التي قد تجيز لأوكرانيا استخدام صواريخ أميركية بعيدة المدى لضرب الأراضي الروسية ما يستدعي ردا روسيا قد يأخذ شكل ضربات نووية تكتيكية وهذا سيدفع النظام التركي إلى التحرك لملء الفراغ الذي سيخلفه سحب مقاتلي حزب الله كي لا تتحرك قسد وحزب العمال الكردستاني أو هيئة تحرير الشام لفعل ذلك من دون اعتبار للاعتراض السابق من النظام الإيراني لأن إيران ضعيفة من دون حزب الله وبسبب موقف أميركي جديد طالبها بوقف دعمها لأذرعها المنتشرة في المنطقة لذا ستحرص على تمتين العلاقة مع تركيا كي تدعمها في مواجهة المرحلة الصعبة وغض الطرف عن التحرك التركي في سورية ما يجري في شمال غرب سورية فخ تركي خطير ستكون له انعكاسات شديدة السلبية على تطلعات الشعب السوري نحو حياة حرة وكريمة وعلى مستقبل سوري آمن ومزدهر

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح