عبد الفتاح السعيدي مواقف تتحدث وبصمات تشهد
اخبار محلية

د. عادل النمري
حين تعجز الأقلام المأجورة عن صناعة إنجاز، لا تجد أمامها إلا النيل من الشرفاء، وحين يفتقر البعض إلى التاريخ، يحاول عبثًا تشويه من صُنِعَت أسماؤهم في ميادين الشرف والعطاء.
إن الدكتور عبدالفتاح السعيدي، رئيس الجامعة الألمانية، ليس اسمًا عابرًا ولا سيرة قابلة للمحو، بل هو صفحة ناصعة في تاريخ الجنوب الإنساني والوطني، وأحد أعلام الطب وجراحة العظام، ممن شهدت لهم غرف العمليات قبل المنصات، والجرحى قبل الخطباء، والوقائع قبل البيانات.
ثلاثة أشهر كاملة قضاها في غرف العمليات أثناء الغزو الحوثي العفاشي على الجنوب، لم يغادر موقعه، ولم يساوم على ضميره، أجرى خلالها أكثر من ألف وسبعمائة عملية جراحية، بينما كانت المستشفيات الحكومية موصدة الأبواب، والمدينة تنزف. نُهب بيته، وتشردت عائلته، ومع ذلك لم يبرح مكانه، ولم يتخلَّ عن رسالته، بل بقي حيث يجب أن يكون: إلى جانب الجرحى، ومعه طاقمه الطبي، يقدمون العلاج مجانًا في مستشفى النقيب، في واحدة من أنبل صور التفاني الإنساني.
وإلى جانب هذا السجل الإنساني والوطني المشرف، فإن الدكتور عبدالفتاح السعيدي هو رجل ودود متواضع، فاتح قلبه للناس قبل باب مكتبه، قريب من الجميع، لم يردّ سائلًا، ولم يعرض يومًا عن محتاج، ولم تغلق في وجه أحد أبوابه، وكأنما اختار أن تكون طيبته الزائدة — إن كان لها من عيب — عنوانًا له، لا يتخلى عنها مهما قست الظروف.
إن أي تحية – عسكرية كانت أم مدنية – لا تزيده شرفًا، فهو قد نال شرفه بالفعل من محبة الناس، ومن دعوات الأمهات، ومن آهات الجرحى التي تحولت على يديه إلى حياة. ولو اصطف الناس من باب المندب إلى المهرة ليحيّوه، لكان أحقَّ بها وأولى بها من غيره، لأن التحايا تُستحق بالمواقف، لا تُمنح بالألقاب.
أما حملات التشويه، فلن تنال منه، بل تزيده رفعة في قلوب من يعرفون الرجال بمواقفهم لا بضجيج خصومهم.
وكيف يناطح الوعلُ الجبلَ الراسخ؟
إن الجبال لا تُسقطها الحجارة، ولا تهزها الرياح.
ولا يقل عطاؤه الأكاديمي
ارسال الخبر الى: