هنا يكمن الفارق الشاسع بين الوحدة اليمنية والوحدة الألمانية

تناولنا في سابق مقاربة سريعة بين تجربتي الوحدة الألمانية التي أعلنت في 3 أكتوبر (تشرين الأول) 1990، والوحدة اليمنية التي سبق إعلانها بعدة أشهر في 22 مايو (أيار) 1990، ولاحظنا في التجربة الألمانية بسبب تسارع الأحداث لم يكن أمامها الوقت الكافي للعمل بموجب دستور ألمانيا الاتحادية بإعداد دستور جديد للمرحلة الجديدة، وتم اختيار نص المادة 23 القاضية بضم الولايات الخمس التي أعيد إنشاؤها في ألمانيا الشرقية إلى ألمانيا الغربية، واعتبر ما حدث توحداً بين الألمانيتين وليس إعادة توحيد.
وهنا يكمن أحد عناصر الاختلاف بين التجربتين؛ فألمانيا وكوريا وفيتنام من الدول المجزأة التي تم تقسيمها إلى دولتين بعد الحرب العالمية الثانية؛ شمالاً وجنوباً.
في الحالة اليمنية لم تكن هناك دولة واحدة حتى يتم تجزئتها وتقسيمها إلى دولتين منفصلتين بعضهما عن بعض، فإعادة الوحدة اليمنية كما ادعى البعض ليست إلا شعاراً سياسياً لا يوجد له أساس تاريخي أو قانوني، وبالتالي ما حدث في 22 مايو 1990 هو قيام وحدة للمرة الأولى بتوحد دولتي الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
وتميزت الوحدة اليمنية عن التجربة الألمانية بصياغة دستور جديد لدولة الوحدة، وفق ما نصت عليه اتفاقية الوحدة الأولى الموقعة بالقاهرة في أكتوبر 1972، وتم إعداده من قبل لجنة دستورية من خبراء البلدين والذي فرغت اللجنة منه في نهاية عام 1981.
وكان من المفروض أن يسبق إعلان الوحدة اتباع خطوات أهمها تنظيم استفتاء على دستور الوحدة وإقراره، وانتخاب أعضاء البرلمان الجديد الموحد في إطار من التعددية الحزبية، على أن يتم أيضاً انتخاب أعضاء مجلس الرئاسة وتشكيل الحكومة الموحدة.
ولكن ما حدث عكس ذلك في اتفاقية صنعاء في أبريل (نيسان) 1990، وبدأت عملية التسريع بالإعلان عن قيام الوحدة وما صاحب ذلك من خطوات ارتجالية أحد أسبابها سقوط جدار برلين في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989، ومخاوف من تداعيات هذ الحدث المزلزل على إمكان تأجيل قيام دولة الوحدة، ولذلك سارع الطرفان إلى إعلان قيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990، وتشكيل مجلس النواب الموحد بدلاً
ارسال الخبر الى: