الغول الأدب يواجه السياسة
في الجزء الثاني من مسرحيته سفر برلك التي أعطاها عنوان الغول أضاف الشاعر السوري ممدوح عدوان عنواناً فرعياً على الغلاف هو: (جمال باشا) بين قوسين، وآخر بخط أكبر هو: السفّاح.
تبدأ المسرحية بالقول على لسان الجوقة التي ستمثّل في النص الضمير السوري الوطني: لن تهرب منا حتى بالنوم/ ستلاحقك ضحاياك بنقمتها/ بالثأر.. أنت جمال السفّاح/ أنت جعلت حياة الناس تُباح/ وجعلت غناء الناس نواحاً.
يتطوّر النص المكتوب بروح الروائي الذي يستفيد من إمكانات المنصّة المسرحية لإحضار الشهود، وإجراء الحوارات المتحرّرة من قيود الواقعية، بينما يسترسل في كتابة يصعب تماماً إنجازها على الخشبة دون المساس بجوهر الخطاب.
ليس هذا مهماً هنا، بل المعنى الذي تسعى إليه المسرحية، من خلال إعادة كتابة التاريخ السوري الحديث، مسرحياً أو روائياً. وفي النص تتمحور النقاشات بين الشخصيات حول أمرين: الأول هو شخصية جمال باشا السفّاح، الذي يظهر سفّاحاً من الصفحة الأولى، كما يشير خطاب الجوقة. والثاني هو صراعات القوى الكبرى التي كانت تسيطر على العالم، أو تسعى لتوسيع نفوذها وتدبير مصالحها في بدايات القرن العشرين، حيث يظهر مارك سايكس، وجورج بيكو، وأنور باشا، وغيرهم من الشخصيات التي شاركت في صناعة تاريخنا المعاصر.
كنا نظن أن الهوية السورية باتت حقيقية، وأن سورية صارت للجميع
رحل ممدوح عدوان قبل أن يرى أن سلطة جديدة تحكم سورية، وتزيل من تاريخ جمال باشا لقب السفّاح، أو اسم الغول الذي كان يتباهى به، وتدين السياسيين والمثقفين السوريين الذين أعدمهم، وتتهمهم بالخيانة بعد استشهادهم بأكثر من مئة عام.
يقول النص إن قادة الترك سلّموا قيادة الجيش الرابع في بلاد الشام للسفّاح، دفاعاً عن الوطنية التركية، فجاء وأعدم ممثّلي الوطنية السورية، سعياً منه ومن قيادته لمنع الوطنية السورية من التكوّن. واللافت أن المسرحية لا تنسى أن تشير إلى أن عدداً وازناً من أولئك الذين أعدمهم السفّاح، اختاروا حين نشبت الحرب العالمية الأولى أن يشاركوا في الدفاع عن الدولة العثمانية. والغريب، لا أن يعدمهم السفّاح فقط، بل أن يعيد إعدامهم اليوم نظام لا
ارسال الخبر الى: