يعقد الغلاء الذي طاول سوق العقارات في المغرب أزمة الإسكان في المملكة وقد عكست بيانات رسمية مؤخرا حول نمو عدد الأسر ارتفاع معدل الطلب على العقارات بينما تواجه الكثير منها صعوبات كبيرة تتعلق بالقدرات الشرائية ويؤجج الارتفاع القوي لعدد الأسر الضغط على سوق العقارات في سياق ارتفاع الطلب من قبل فئات الشباب والطبقة المتوسطة التي تعاني من ارتفاع أسعار المساكن في المدن الكبيرة تحديدا وكشفت نتائج الإحصاء الخاص بالسكان والسكنى المعلن عنها في وقت سابق من نوفمبر تشرين الثاني الجاري عن بلوغ عدد السكان في المملكة 36 82 مليون نسمة بزيادة 8 8 مقارنة بما كان عليه عدد السكان قبل عشرة أعوام غير أنه يتجلى حسب نتائج الإحصاء الذي ينجز مرة كل عشرة أعوام أن عدد الأسر في المغرب وصل إلى 9 27 ملايين أسرة بزيادة بلغت نسبتها 26 82 مقارنة بما كان عليه الوضع في 2014 ويرى الخبير في القطاع العقاري إدريس الفينا في تصريح لـالعربي الجديد أن عدد الأسر ارتفع بوتيرة أعلى من عدد السكان بالنظر لكون عدد أفراد الأسرة الواحدة تراجع من 4 6 أفراد إلى 3 9 أفراد بين 2014 و2024 على المستوى الوطني ويشير إلى أن الإحصاء الجديد للسكان والسكنى في المغرب يفترض أن يكشف حجم الخصاص على مستوى المساكن التي يفترض أن تستجيب للطلب المعبر عنه من قبل الأسر وكانت وزارة الإسكان أكدت مؤخرا أن العجز على مستوى المساكن في المغرب يصل إلى حوالي 400 ألف وحدة غير أن نتائج الإحصاء ينتظر أن تفضي إلى تحديث حجم الطلب على السكن وفق الخبير العقاري وينتظر أن يرتفع الضغط على سوق العقارات في ظل ارتفاع نسبة التمدن التي وصلت حسب نتائج الإحصاء إلى 62 8 في 2024 مقابل 60 4 قبل عشرة أعوام علما أن سبع مدن تستقطب حوالي 40 من السكان الحضريين ويقول الفينا إن ارتفاع عدد الأسر بحوالي مليوني أسرة في العشرة أعوام الماضية يرفع الطلب على المساكن خاصة في المدن ما يفضي إلى ارتفاع الأسعار خاصة بالنسبة للشباب والطبقة المتوسطة ويلفت إلى أن مستوى الأسعار المرتفع بالنسبة للراغبين في الشراء يدفع بعض الفئات إلى التوجه نحو الإيجار غير أن ذلك يؤدي إلى ارتفاع أسعار الإيجارات أيضا خاصة في المدن الكبرى لافتا إلى ضرورة تحفيز الاستثمار في العقارات منخفضة التكلفة بما يراعي القدرة الشرائية للشباب والطبقة المتوسطة وعمد المغرب في العام الحالي إلى إطلاق برنامج يراد من ورائه إتاحة دعم بـ10 آلاف دولار للمغاربة المقيمين أو المغتربين الراغبين في اقتناء سكن يقل أو يعادل ثمنه 30 ألف دولار و7 آلاف دولار بهدف اقتناء سكن يفوق سعره أو يعادل 70 ألف دولار وكانت الصيغة القديمة لتوفير السكن للفئات ذات الدخل المحدود تقتضي إنجاز المستثمرين الشقق في إطار اتفاقيات موقعة مع الدولة حيث يلتزمون ببناء 500 ألف شقة على مدى خمسة أعوام بسعر لا يتعدى 25 ألف دولار دون احتساب الضرائب والرسوم بينما تقوم الدولة بإعفاء المقتنين من الضريبة على القيمة المضافة في حدود 4 آلاف دولار وتسعى الحكومة عبر تفعيل البرنامج الجديد للدعم إلى تحفيز الأسر على اقتناء السكن عبر عرض يصل إلى 114 ألف وحدة سكنية من بينها 58 ألف وحدة سكنية لفائدة الطبقة المتوسطة وتتوقع وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة أن يرتفع تشييد العقارات بنسبة 10 سنويا ويتوجب على الراغب في الاستفادة من الدعم المباشر أن يكون غير حائز لعقار مخصص للسكن بالمغرب وغير مستفيد من أي إعانة أو امتياز ممنوح من قبل الدولة مخصص للسكن وأن يتكون السكن من غرفتين على الأقل وقد أكدت وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة فاطمة الزهراء المنصوري بمناسبة مناقشة موازنة الوزارة في مجلس النواب نهاية الأسبوع الماضي أن أكثر من 28 ألف شخص استفادوا من دعم السكن إلى غاية الخامس من نوفمبر الجاري غير أن الفينا يؤكد أن إنجاز المساكن المستفيدة من الدعم سيتركز أكثر في المدن الصغيرة والمتوسطة على اعتبار أن المطورين العقاريين يجدون صعوبات كبيرة في إيجاد الأراضي التي يمكن بناء المساكن المدعمة عليها خاصة في ظل قلة الوعاء العقاري وغلائه