ما إن تشدو الأماكن بتكبيرات العيد إلا وتشرئب الأرواح لمساحة من السعادة والبشر تغمرها رويدا حتى تغرق في ثمالة الفرح وقتها تلحظ في وجوه الناس إشراقة مميزة يتذوق فيها المحبون استراحة بعد جهد وعناء وينالون جزاء الصبر والمصابرة والمتابعة في الصيام والقيام في العيد تنفض الأنفس أثقال الهموم فتهل الفرحة كسحاب ماطر تنبت السرور في كل قلب تلامسه وتبعثر القلق والهم كما تبعثر الريح أوراق الخريف ولأن الإنسان فطره مولاه كائنا اجتماعيا فلا تكتمل فرحته إلا حين يراها في أعين الآخرين من أهله وجيرانه وعامة مجتمعه وتلك من معاني العيد التي قد نفتقدها خلال بقية أيام العام في العيد يشعر الناس بالانتماء إلى طقس روحاني مجتمعي يتجاوز كونه شعورا فرديا منعزلا إلى أن يصبح حالة جماعية مجتمعية تتناغم فيها النفوس على وقع البهجة فتمحى فيه الضغائن وتنسى الجراح وتتمد الأيادي للتصالح والتصافح والتسامح ويتجدد الموعد السنوي والذي فيه تعيد العلاقات ترتيب نفسها وإصلاح ما أفسدته الأيام والأحداث فيها ويتجدد الشعور بأن كل أفراد المجتمع رغم خلافاتهم التي قد تطرأ إلا أن روابط من الود والمحبة تجمعهم ولأن العيد طقسا اجتماعيا جماعيا فلا عجب أن يشعر الفقير بغنى العيد الذي يتشارك في صنعه الجميع ويجد المحروم ما يسعد قلبه وينشر الرضى في جنبات روحه ويقتبس كل مهموم نصيبه من فيض السعادة التي تنتشر في الأرجاء وهذه كلها معاني وقيم يؤصلها العيد حين ندرك جميعا أن السعادة الحقيقية تكمن في إدخال السرور على الآخرين ومشاركتهم الفرحة بحب وود وصفاء من معاني العيد أنه وعد متجدد بأن الغد أجمل وأن الأحزان وإن ثقلت فلا تطيق الإقامة في قلوب عرفت طعم الفرح وذاقت حلاوة التصافي والتعافي وهو تأكيد بأن حياتنا إن غزتها بعضا من كآبة فلازالت هناك فرصا كثيرة لنفرح ونبتسم ونضحك من الأعماق كما أن العيد فرصة للعودة إلى الذات النقية والبسمة التي تقاوم الارهاق وتتغلب عليه والأمل الذي يرفض الانهزام ويتجاوز التشاؤم أيها العيد السعيد انشر بشرك في أرجاء أرواحنا المشتاقة وازرع فينا بذور السعادة والطمأنينة التي تجمل أيامنا وشهورنا الآتية واجعل لنا من الحب ما يضيء دروبنا ومن الأنس ما ينسينا آلامنا فانت درس عنوانه أن الأمل لا يموت والغد يحمل في جعبته ضوء جديدا لمن يؤمنون بأن الفرح أصيل في النفوس تماما كالشمس إن غابت تعود لتشرق من جديد عيدكم سعيد مبارك وأيامكم هنية رضية