العملة المنقسمة مرآة وطن يتفتت

64 مشاهدة
اخبار اليمن الان الحدث اليوم عاجل

يمنات

نايف المشرع

في هذا البلد الممزق، حتى العملة ما عادت عملة واحدة. “الريال اليمني” صار له نسختين، وشبه دولتين، وحدتين طباعة، وكل طرف يطبع ويصدر ويمنع تداول نسخة الآخر، وكأن المسألة مسألة أوراق، لا وطن يتشظى أمام أعيننا.

ما عاد الريال وسيلة تبادل، صار وثيقة انفصال غير معلنة. عملة واحدة باسم واحد، لكن مختلفة في الشكل، الحجم، القيمة، والمصير. ريال صنعاء لا يُصرف في عدن، وريال عدن يُرفض في صنعاء. كأننا نعيش في بلدين، لكن بلا اعتراف رسمي. فقط العملة تقول الحقيقة.

بصراحة؟

من يطبع عملة بلا غطاء اقتصادي، ولا توافق وطني، لا يبحث عن حل، بل يزيد الطين بلّة. الطباعة من طرف واحد مش “إجراء مالي”، بل “فعل سياسي”، وخطوة نحو الهاوية.

العملة الوطنية، زي العلم، رمز. لما تتآكل قيمتها، معناها إن الدولة نفسها تتآكل. كل ورقة جديدة تطبع خارج الإجماع الوطني، هي شهادة جديدة على موت السيادة.

صحيح أن سعر الدولار يختلف بين صنعاء وعدن. لكن لا تفرحوا بالرقم. لما تحسب تكلفة السكر والدقيق والزيت بالدولار، تلاقي المواطن هنا وهناك يدفع نفس الثمن تقريبًا. الفرق مجرد ورقي. والنتيجة واحدة: الجوع، القهر، والخذلان.

والله ما هي انتصار، لا لصنعاء ولا لعدن.

طباعة العملة بهالطريقة ما هي إلا طعنة في قلب الوحدة، وهدية مجانية لأعداء البلد. كل ما طُبعت ورقة، زادت المسافة بين شمال وجنوب، بين شرعية وواقع، بين دولة وأشباه دول.

يتحدثون عن “الوحدة” في خطاباتهم، لكن أفعالهم تقسم البلد على الأرض. سلاح، إدارة، جيش، اقتصاد، وعملة. تقسيم فعلي بلا إعلان. والطباعة مجرد أحد الفصول القذرة في هذه المسرحية البائسة.

النتيجة؟

الوطن يدفع الثمن. المواطن، مش السياسي، هو من يكتوي.

وكل ريال جديد مطبوع بلا عقل، يرفع الأسعار، يهبط الثقة، ويقربنا خطوة أخرى من الهاوية.

فكروا بوعي:

العملة ليست ورقة.

هي مقياس لوطن يعيش أو يحتضر.

والحل مش في المطبعة، بل في السياسة.

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع يمنات لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح