العلاقات العراقية السورية بعد الأسد تعايش مع الأمر الواقع
٢٠ مشاهدة
في العراق المنقسم سياسيا على حدث إسقاط نظام بشار الأسد في سورية بعدما شاركت أطراف عراقية فاعلة في دعم هذا النظام عسكريا واقتصاديا طوال السنوات الثلاث عشرة الماضية يتصدر الحديث عن مستقبل العلاقات العراقية السورية بعدما أوصلت الإدارة الجديدة في سورية أخيرا أكثر من رسالة إيجابية تجاه العراق على لسان القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع وتصدرت خلال الأيام التي سبقت إسقاط نظام الأسد مواقف أقرب إلى أن تكون حربية لمسؤولين عراقيين في بغداد حمل بعضها التهديد بالتدخل العسكري استباقيا ضد من تم اعتبارهم إرهابيين وهو الموقف الذي تبناه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بالقول إنهم لن يبقوا متفرجين ومستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي إلى جانب رئيس أركان الجيش عبد الأمير يار الله والمتحدث العسكري باسم الحكومة يحيى رسول الذي قال إن أبو محمد الجولاني الشرع مطلوب للعراق ولا يمكن التعامل مع إرهابي في موازاة ذلك اعتبر قادة بارزون في تحالف الإطار التنسيقي الحاكم في العراق عملية ردع العدوان لفصائل المعارضة السورية في الساعات الأولى منها بأنها مؤامرة صهيونية تتزامن مع الهدنة ووقف العدوان الإسرائيلي على لبنان ودعوا إلى الاستعداد للدفاع عن المراقد المقدسة في سورية وعادة ما يقصد بذلك مرقد السيدة زينب في ضواحي دمشق غير أن لغة التصعيد تبدلت تماما مع سقوط نظام الأسد الذي سبقته عملية انسحاب سريعة من الجغرافيا السورية إلى داخل العراق وكانت مفاجئة حتى لأعضاء الفصائل المسلحة في العراق الذي قال أحدهم إنهم ما زالوا يحاولون معرفة من أعطى أوامر هذا الانسحاب وبالتزامن مع اتصالات وزيارات مكوكية جرت في بغداد والنجف لمسؤولين غربيين وأمميين في الأيام الأولى من الإعلان عن فرار الأسد وسيطرة المعارضة على دمشق تبدلت بشكل تدريجي مواقف بغداد التي سمحت برفع علم الثورة السورية على مبنى سفارة دمشق وسط بغداد يوم الخميس الماضي وفي بيانات رسمية أعقبت لقاءات واتصالات هاتفية متسلسلة جرت الأسبوع الماضي مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق محمد الحسان الذي زار أيضا المرجع علي السيستاني في النجف أكد العراق وحدة الأراضي السورية ومساعدة السوريين على تخطي المرحلة الحالية وبناء بلدهم وعدم التدخل في شؤون سورية والحفاظ على حقوق الأقليات وهي عبارات تكررت على لسان وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين الذي أجرى بدوره اتصالات هاتفية ولقاءات مع مسؤولين عرب وغربيين كان أبرزهم وزيرة الخارجية الأسترالية بيني وونغ مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي الذي كان الأكثر عدائية في التصريحات من التطورات السورية قبيل سقوط نظام الأسد رافعا شعارات دينية خلال تعليق له على منصة إكس قال في بيان له يوم الأحد الماضي إن عودة الحياة الطبيعية وفتح المدارس أبوابها والدوائر الحكومية وارتفاع قيمة الليرة السورية مؤشرات إيجابية نحو الاستقرار نأمل للشعب السوري الشقيق الأمن والأمان والازدهار بسواعد أبنائه إقرار بالتغير في العلاقات العراقية السورية عضو في إدارة الدولة الأحزاب الحاكمة في العراق تلقت ضمانات حيال عدم وجود أي ارتدادات على المشهد العراقي جراء أحداث سورية عن تغير المواقف بشأن العلاقات العراقية السورية تحدث عضو بارز ضمن ائتلاف إدارة الدولة الذي يضم القوى العربية الشيعية والسنية والكردية المشاركة بالحكومة عن أنه إقرار بالأمر الواقع وضرورة التعايش معه مضيفا في حديث مع العربي الجديد أن الرسائل الغربية في هذا السياق كانت واضحة ومباشرة للعراق بشأن وقف أي تدخل إيراني بالشأن السوري من خلال العراق وعدم التعامل بسلبية مع التطورات السورية وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته إن الأحزاب الشيعية الحاكمة في العراق تلقت ضمانات حيال عدم وجود أي ارتدادات أمنية أو سياسية على المشهد العراقي جراء ما حدث في سورية وكذلك أن عليها المساهمة بشكل إيجابي في دعم سورية الجديدة خطة لسحب المليشيات العراقية من الحدود في الصحراء غرب الأنبار التي توصف منذ سنوات بأنها أكبر تجمع لعناوين فصائل مسلحة في الشرق الأوسط والمحصورة بين القائم ومكر الذيب العراقية غربي الأنبار وعلى امتداد يصل إلى 140 كيلومترا ما زالت الفصائل المنسحبة من سورية تنتشر هناك منذ أسبوع على الرغم من وجود وحدات مدرعة وألوية مشاة من الجيش العراقي وقوات حرس الحدود لتأمين المنطقة الفاصلة بين البلدين خطة لسحب تدريجي للفصائل المسلحة من الشريط الحدودي مع سورية وكشف قيادي في فصيل مسلح طلب عدم ذكر اسمه لـالعربي الجديد عن وجود خطة لسحب تدريجي للفصائل المسلحة من الشريط الحدودي مع سورية بناء على ضغوط تمارس على الحكومة وأن يكون الجيش العراقي وحده بالمنطقة وتحدث عن 11 فصيلا مسلحا موجودة حاليا في المنطقة الحدودية كلهم عراقيون وأن ستة منها كانت داخل دير الزور والبوكمال والتنف وضواحي البصيرة والميادين وبادية حمص وانسحبت إلى داخل الأراضي العراقية قبل ساعات من سقوط النظام في دمشق وأضاف أنهم ما زالوا يحاولون معرفة من أعطى أوامر هذا الانسحاب وأنهم يعتقدون أن الانسحاب جاء من جهات عليا استشعرت فوات الأوان على دعم بشار الأسد أو أنها بضغوط أميركية على العراق كتائب حزب الله والنجباء وسيد الشهداء والأوفياء أبرز تلك الفصائل التي شاركت في دعم النظام السوري طوال السنوات الثلاث عشرة الماضية وتتواجد على الحدود العراقية السورية اليوم هي من تواجه الحكومة في بغداد اليوم ضغوطا من أجل إبعادها عن الأراضي الحدودية في واحد من مقررات لدعم المرحلة الانتقالية الحالية في سورية وتصحيح العلاقات العراقية السورية وفقا للمسؤول ذاته ومساء الأحد الماضي قال المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي إن بلاده لم ينقطع تواصلها مع الولايات المتحدة بشأن الأزمة في سورية كاشفا عن رسائل تطمين أميركية جاءت خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى بغداد يوم الجمعة من الأسبوع الماضي أكدت أن أمن العراق محافظ عليه ولن يتم السماح بأي خرق لحدوده وبشأن العلاقات العراقية السورية أكد العوادي أن الحكومة العراقية لن تتدخل في سورية العراق أكد أنه لا يمتلك مشاريع منفردة بما يخص سورية أو دعم أي جماعة أو جهة سياسية ملفات متشابكة بين العراق وسورية الخبير العراقي في العلاقات الدولية أحمد النعيمي قال في حديث لـالعربي الجديد إن بغداد لا تمتلك غير خيار التنسيق مع سورية الجديدة وفتح علاقات مع السلطة الجديدة في دمشق معللا ذلك بأسباب سياسية وأخرى اقتصادية وحيوية بالنسبة للعراق من أبرزها الضغوط الغربية التي تسعى لإبعاد إيران عن سورية الجديدة من خلال العراق الذي يمثل البعد الجيوسياسي الأهم لطهران في الملف السوري وأضاف أن العراق لا يريد أن يظهر بموقف شاذ عن الإجماع العربي الحالي في دعم التحول الإيجابي في سورية وتمكينه في النهاية من التعافي وهو موقف غربي أيضا يتمثل بالتعاطي مع قوى المعارضة على أنها الفاعل الذي يتم التعامل معه سوريا أحمد النعيمي بغداد لا تمتلك غير خيار التنسيق مع سورية الجديدة وفتح علاقات مع السلطة الجديدة في دمشق وحول العلاقات العراقية السورية لفت النعيمي إلى ملفات أخرى أبرزها سد تشرين على نهر الفرات في منبج التي سيطرت عليها قوى المعارضة السورية أخيرا والذي يمثل عقدة في كل التفاهمات بين دمشق وبغداد منذ سبعينيات القرن الماضي إذ لم يثبت نظام الأسد على أي اتفاق واضح مع العراقيين بشأن حصة العراق من تدفقات نهر الفرات إذ يطالب العراق بتقاسم مياه الفرات بناء على مساحة العراق وعدد سكانه وهو ما لم يطبقه نظام الأسد حتى في ذروة دعم النظام السياسي العراقي له بعد الثورة السورية عام 2011 وأشار النعيمي إلى أن مسألة المياه ستكون عامل إرغام للعراق على التعامل مع سورية الجديدة خصوصا أن شح المياه عراقيا وسعيه للحصول على حصة كافية سيكون عاملا ملحا للعودة وفتح العلاقات مع سورية الجديدة يضاف إلى ذلك وفق النعيمي مسائل التنسيق الأمني على الحدود البالغة نحو 620 كيلومترا وكذلك ملفات اقتصادية أبرزها أن كل الاتفاقيات التجارية والاقتصادية مع لبنان قائمة على مرورها من سورية برا إلى العراق بما فيها اتفاقية النفط مقابل الخدمات التي يزود العراق بموجبها لبنان بالنفط لتشغيل محطات الكهرباء لديه مقابل منتجات زراعية وصناعية وغذائية مختلفة واعتبر النعيمي أن إيران قد تدفع العراق وتشجعه لأن يكون واجهة لأي تفاهمات تتعلق بالمراقد الدينية داخل سورية إلى جانب ما ذكره رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني حول ضمان أمن الأقليات في إشارة إلى الطوائف من غير المسلمين السنة من جهته قال الباحث في الشأن السياسي العراقي إياد الدليمي إن القوى الحاكمة في العراق عليها أن تتقبل سورية الجديدة وتتعامل معها وفقا لمبدأ المصالح المشتركة وأضاف في حديث لـالعربي الجديد أن الموقف العراقي بدا رافضا لأي تغيير في سورية ولم يفرق بين فصيل أو تشكيل وآخر واعتبر كل فصائل المعارضة جماعات إرهابية غير أنه سرعان ما استدرك رفضه لدخول الثوار دمشق وبسط سيطرتهم وإسقاط بشار الأسد فبات أقرب للموقف الدولي الداعي إلى سورية تشمل كل أطيافها ولا تفرق ولا تقصي أحدا ورأى أن سقوط الأسد وما جرى في سورية بالأيام الأخيرة سينعكس بشكل مباشر على العراق وهو أمر تدركه الحكومة والفاعل الأهم المتمثل بأحزاب الإطار التنسيقي لذا فالمتوقع أن يكون هناك موقف عراقي مختلف 180 درجة عن الذي كان قبل أسبوع وقد نسمع عن اتصالات أو رسائل متبادلة بالأيام المقبلة بين الطرفين واعتبر أنه ليس أمام العراق سوى التأقلم مع الجار الجديد مؤكدا أن السؤال الأهم عراقيا الآن هو هل بإمكان حكومة السوداني الحالية تجاوز التحفظات من بعض الأطراف المسلحة والحزبية بشأن الموقف من العلاقات العراقية السورية خصوصا تلك المعروفة بولائها الشديد لإيران مجيبا عن ذلك بالقول إنه لا بديل عن ذلك شارك بالتقرير من بغداد محمد علي