العربي باطما الجسد مساحة للاعتراف والتأمل

50 مشاهدة

يقدّم العربي باطما في الطبعة الثانية من كتابه الألم (دار توبقال، 2024) شهادة على معاناته مع مرض السرطان، كاشفاً في نص مكثف وعارٍ من أي تزيين رحلته مع الألم الجسدي والنفسي. الكتاب جزء ثانٍ من سيرة الفنان المغربي (1949 – 1997) بعد الجزء الأول الرحيل، والتي تُنشر في إطار إعادة الدار إصدار عدد من عناوينها القديمة، وتضيء الجانب الأكثر قسوة في حياة أحد أبرز وجوه فرقة ناس الغيوان التي تعود بداياتها إلى عام 1970 وعبّرت عن القضايا والهموم الاجتماعية والوطنية بخلطة من التراث الصوفي والزجل والموسيقى الشعبية، حيث يتقاطع فيه صوت المبدع مع صوت المريض، وصوت الفرد مع صوت الجماعة التي يمثلها.

ها أنذا لا أزال في قسم الإنعاش، في يدي أنبوب الأكسجين الذي لا يفارق أنفي. ويجب أن أبتعد عنه، لأن الإدمان عليه خطير. يجب أن أتنفس طبيعياً كما قال لي البروفسور نجمي.. والذي يخيفني هو صمت المرضى، فعندما يمر الممرض المكلف بالحراسة الليلية ويعطي الدواء يذهب ويطفئ الضوء، فيبقى الصمت والأنين. غداً سأخرج إن شاء الله، لأني شخص يتأثر بكل شيء، يعاني من رؤيته للمرضى، ومن سماعه لأنينهم وتأوهاتهم. ولهذا يجب أن أرحل غداً.

هذا المقطع يكشف تحويل التجربة الشخصية القصوى إلى نص أدبي يخصّ الجميع، فالفنان لا يكتب عن مرضه فحسب، وإنما عن هشاشة الجسد الإنساني، وعن بؤس المنظومة الصحية وعن الحاجة العميقة إلى أن يجد المرء ما أو من يواسيه حين تتراجع كل أشكال العزاء الأخرى. كما يظهر في النص براعة باطما في التوازن بين الوصف الواقعي والموسيقي الداخلية للكلمة، ما يجعل القارئ يعيش التجربة كأنها موسيقى حزينة تتدفق بين السطور.

يتحوّل النص إلى ما يشبه الاعتراف الأخير قبل الغياب

يكتسب الكتاب قيمة إضافية بالنظر إلى مكانة مؤلفه، الذي يتعدى كونه مجرد موسيقي أو مغنٍ ينتمي إلى التجربة الغيوانية، فقد كان شاعراً وزجالاً وممثلاً ومثقفاً عصامياً، ارتبط اسمه بالحي المحمدي وبذاكرة المغرب الحديث. سيرته بجزأيها تمثل أكثر من محاولة لقول الذات، فهي وثيقة عن زمن بكامله،

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح