اتخذ الإنفاق العام في العراق مسارا تصاعديا قياسا بحجم إيرادات الدولة خلال السنوات الأخيرة وشمل هذا الإنفاق ارتفاع موازنات المرتبات والتخصيصات المالية العامة التي تعتمد بشكل أساسي على عوائد النفط وهذا ما حذر منه صندوق النقد الدولي في بيانات سابقة له إذ أكد على ضرورة خفض مستوى الاعتماد على النفط وضمان الاستدامة المالية مع العمل على حماية الإنفاق الاجتماعي والاستثماري وضبط الأوضاع المالية العامة وزيادة الإيرادات غير النفطية بلغ حجم الموازنة العامة التي أقرت الاثنين الماضي من قبل البرلمان العراقي 211 9 تريليون دينار نحو 153 مليار دولار بينما بلغت إيرادات العراق 147 8 باعتماد كبير على الإيرادات النفطية والمعدنية التي بلغت 120 4 تريليون دينار عراقي في حين بلغت الإيرادات غير النفطية التي تشمل الضرائب والرسوم والأرباح من القطاع العام والإيرادات التحويلية وإيرادات أخرى بحدود 27 3 تريليون دينار الدولار نحو 1307 دنانير ويرى مختصون في الشأن الاقتصادي أن ارتفاع فاتورة الإنفاق العام للدولة وزيادة نسبة العجز المالي عوامل فاقمت هشاشة الاقتصاد العراقي في ظل عدم وجود تنوع في مصادر الدخل والاعتماد على الاقتصاد أحادي الجانب إقرار جداول الموازنة صوت مجلس النواب العراقي على جداول الموازنة الاتحادية العامة للدولة لعام 2024 بعد إجراء عدد من التعديلات على جداول النفقات والتخصيصات المالية لتنمية المحافظات وزاد حجم الموازنة الجديدة 7 عن موازنة العام الماضي 2023 وبلغ إجمالي العجز العام فيها أكثر من 64 تريليون دينار نحو 49 مليار دولار وقال عضو اللجنة المالية في مجلس النواب معين الكاظمي إن جداول الموازنة أرسلت رسميا إلى وزارة العدل العراقية التي تمتلك جريدة الوقائع الرسمية بغرض نشر القانون ليدخل حيز التنفيذ دون الحاجة لمصادقة رئاسة الجمهورية وأوضح الكاظمي في حديث لـالعربي الجديد أن العجز البالغ 64 تريليون دينار يمكن أن تتم معالجته من خلال سد هذه الفجوة عن طريق إجراءات الحكومة وطبيعة سياستها الاقتصادية وأن الحكومة افترضت وجود 20 تريليون دينار يمكن حسمها كحوالات من البنك المركزي مع إمكانية تعزيز فرص تنمية القطاعات الاقتصادية وإيجاد منافذ جديدة للإيراد الحكومي أكد المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح أن متغيرات الجداول المالية ضمن الموازنة الاتحادية التي تم التصويت عليها لسنة 2024 جاءت مطابقة للثوابت واستبعد الكاظمي وجود مشاكل يمكن أن تؤثر على توقيتات رواتب الموظفين والمتقاعدين والرعاية الاجتماعية وشراء الحنطة القمح من الفلاحين فضلا عن شراء الدواء وتأمين السلة الغذائية وتكاليف جولات التراخيص لاستخراج النفط ومشاريع تنمية الأقاليم للمحافظات ومشاريع الوزارات الاستثمارية وأضاف أن تمويل المشاريع سيتم بشكل تدريجي فيما يبقى تمويل باقي استحقاقات المشاريع على عام 2025 القادم وأن فارق الأموال الذي سيحدث بين حجم الصرف الفعلي والمفترض للموازنة سيدفع للتقشف في بعض فقرات الموازنة التشغيلية غير الضرورية وعدم إطلاق مشاريع جديدة والاستمرار بإكمال المشاريع المستمرة والمتلكئة بالدرجة الأولى وبين أن جداول الموازنة لم تتضمن تخصيصات لسلم الرواتب ولا يمكن تعديله حتى نهاية العام باعتبار أن السنة المالية تنتهي بنهاية هذا العام ويجب أن يعدل على جداول الموازنة في العام المقبل 2025 إذا كانت هناك نية للتعديل الإنفاق العام والعجز أكد المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح أن متغيرات الجداول المالية ضمن الموازنة الاتحادية التي تم التصويت عليها لسنة 2024 جاءت مطابقة للثوابت التي اعتمدها قانون الموازنة العامة الاتحادية الثلاثية رقم 13 لسنة 2023 خاصة في ما يتعلق بمحور العجز الافتراضي وأوضح صالح في حديث صحافي أن إجراءات الحكومة ستساهم في خفض العجز مع العمل على تعظيم الإيرادات غير النفطية وأن هناك اتجاهات مهمة في إدارة الموازنة العامة بجانب النفقات العامة وبين صالح أن أسعار النفط ما زالت تفوق تقديراتها في الموازنة الثلاثية البالغة 70 دولارا للبرميل وبنسبة تغيير تزيد إيجابيا على 16 بالمئة فوق السعر المعتمد ونحن نقترب من منتصف السنة المالية مع الحفاظ على معدلات التصدير المقرة في الموازنة وإدارة الإنتاج النفطي بشكل كفوء ووفق الاتفاقات الدولية مع منظمة أوبك في موضوع السيطرة على حصص الإنتاج الإنفاق العام تعظيم الإيرادات يقول الباحث الاقتصادي أحمد صباح إن حجم الإنفاق العام في العراق يفوق حجم الإيرادات العامة للدولة وهو ما تسبب بارتفاع نسبة العجز المالي الأمر الذي يساهم في ارتفاع مخاطر الإنفاق على السياسة الاقتصادية العراقية وأضاف صباح في حديث لـالعربي الجديد أن فواتير الإنفاق على الرواتب والمخصصات ومنح الرعاية الاجتماعية ومخصصات التقاعد والبطاقة التموينية تشكل نسبة 50 بالمئة من حجم الإنفاق العام فضلا عن الإنفاق الاستثماري البالغ أكثر من 55 تريليون دينار وضعت بشكل غير مدروس وهو ما عزز من تعظيم مخاطر الأنفاق قياسا بفائدتها الاقتصادية وأشار إلى أن هناك مبالغ نقدية كبيرة وضعت ضمن بنود جداول الموازنة الخاصة بتنمية المحافظات وأخرى تم وضعها على أنها مشاريع استثمارية لكنها تثير الكثير من التساؤلات والشكوك حول إحالتها إلى جهات مستفيدة مرتبطة بأحزاب وتيارات سياسية وأكد صباح أن الدولة العراقية في هذه الظروف بأمس الحاجة إلى تعظيم إيراداتها المالية من خلال تفعيل منافذها الاقتصادية والدخول في سوق التجارة الدولية عبر النقل والتصدير وتعزيز دور الصناعة الوطنية وشدد صباح على أهمية تقليل مخاطر الإنفاق العام لأن أي انخفاض في أسعار النفط سيساهم في وقوع أزمة اقتصادية خانقة تعصف بالدولة وخاصة أن العراق يمتلك مقومات اقتصادية كبيرة يمكن أن تعوض الاعتماد الكلي على إيرادات النفط ولفت إلى أن أهم خطوة باتجاه تعظيم الايرادات تعتمد على الإصلاح الإداري والمالي وإبعاد التأثيرات السياسية والحزبية عن سلطة القرار الاقتصادي