شرعت السلطات العراقية في الخطوات الأولى لإجراء التعداد السكاني في البلاد وقد نظمت آخر نسخة منه قبل 27 عاما ثم أعاقت ظروف عدة إجراءه عقب الغزو الأميركي للعراق عام 2003 وتجري وزارة التخطيط في بغداد الأسبوع المقبل عملية تعداد تجريبي للسكان في عموم العراق وتحديدا في الحادي والثلاثين من مايو أيار الجاري تمهيدا لإجراء التعداد الفعلي مطلع نوفمبر تشرين الثاني المقبل وتمثل قضية التعداد السكاني ملفا سياسيا شائكا في العراق أكثر من كونها إجراء تنظيميا بسبب ارتباطها بعملية الانتخابات والمحاصصة الطائفية التي تقوم عليها العملية السياسية في العراق بعد الغزو الأميركي وفي الوقت الحالي يقوم نظام الانتخابات في البلاد على أن لكل 100 ألف شخص نائبا ويمنح تقديرات السكان بشكل تقريبي لكل دائرة انتخابية وفقا لبيانات وزارة التجارة بشكل رئيسي ويقدر العدد الإجمالي لسكان العراق ممن يعيشون داخل البلاد بنحو 43 مليون نسمة في حين تبلغ أرقام عراقيي المهجر أكثر من ستة ملايين يتوزعون على نحو 40 دولة غربية وعربية وقالت وكيلة وزارة التخطيط أزهار حسين صالح خلال مؤتمر صحافي أمس الخميس عقد في مدينة الموصل شمالي العراق إن التعداد العام للسكان لن يتعامل مع موضوع الانتماء المذهبي والقومي والديني للعراقيين في إشارة جديدة إلى أنه لن يتم سؤال المواطن عن انتمائه الطائفي وهو ما يعتبر خطوة إيجابية في نظر العراقيين المعارضين لإجراءات ترسيخ الهويات الفرعية في العراق وأوضحت صالح أن الهدف من التعداد هو تثبيت قاعدة بيانات صحيحة وحقيقية عن عدد السكان لضمان توزيع الموارد والمستحقات المالية على جميع المحافظات بشكل عادل إلى جانب الاعتماد على بيانات التعداد في برامج التنمية المستقبلية مؤكدة أن التعداد سيشمل جميع المحافظات العراقية بما في ذلك إقليم كردستان وتشير إلى أن الوزارة أعدت خطة للتعامل مع تعداد السكان في المناطق التي يعيش فيها خليط من القوميات والمذاهب والأديان في المناطق المتنازع عليها كمناطق كركوك وسنجار وسهل نينوى وغيرها من المناطق وقال المدير العام لدائرة الإحصاء في محافظة نينوى ثاني أكبر محافظات العراق كثافة سكانية نوفل سليمان لـ العربي الجديد إن الإحصاء التجريبي سيجرى الأسبوع المقبل للتأكد من الجهوزية الفنية واللوجستية لفرق الإحصاء أضاف أن التوجيهات الصادرة عن التخطيط تشير إلى إجراء الإحصاء في عموم العراق من ضمنها مدن كردستان وأن يتجنب أي استبيان ذكر المذهب أو الدين أو القومية يشار إلى أن آخر تعداد سكاني أجراه العراق كان في عام 1997 واستثنى منه محافظات إقليم كردستان الثلاث أربيل والسليمانية ودهوك لأنها كانت خارج سيطرة النظام العراقي في ذلك الوقت وأظهر التعداد أن عدد السكان يبلغ 22 مليون نسمة ومن المقرر أن يجرى التعداد مرة واحدة كل عشر سنوات وكان من المفترض أن يجرى عام 2007 لكنه تأجل إلى عام 2009 بسبب الظروف الأمنية ثم تأجل عشر سنوات بسبب المشكلات الأمنية ودخول تنظيم الدولة الإسلامية داعش وفي 2019 أرجئ مجددا بسبب خلافات سياسية تخص المناطق المتنازع عليها وعدم وجود تخصيصات مالية وجائحة كورونا من جهته رأى الباحث بالشأن العراقي خالد غازي أن قرار تجنب التعداد لمعلومات المذهب والقومية خيار صائب من شأنه تجنب إدخال البلاد في الكثير من المشكلات السياسية ذات الصبغة الطائفية والقومية وأكد في حديثه لـ العربي الجديد ضرورة إنجاز التعداد التنموي دون تأخير وأن يعمل الجميع على تبديد المخاوف السياسية بصدده وتذليل العقبات التي تحول دون إنجازه مشددا على أنه من غير الممكن إطلاق التنمية الشاملة دون وجود بيانات قائمة على تعداد السكان