أعطى العاهل المغربي الملك محمد السادس اليوم الثلاثاء إشارة الانطلاق لتعديل مدونة الأسرة قانون الأحوال الشخصية بتكليف رئيس الحكومة عزيز أخنوش بإعادة النظر فيها وذلك بعد 19 سنة على دخولها حيز التنفيذ وبالموازاة مع تكليف رئيس الحكومة أسند العاهل المغربي مهمة الإشراف العملي على إعداد هذا الإصلاح الهام بشكل جماعي ومشترك لكل من وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة وذلك بالنظر لمركزية الأبعاد القانونية والقضائية لهذا الموضوع وفق بيان أصدره الديوان الملكي مساء الثلاثاء إلى ذلك دعا ملك المغرب المؤسسات المذكورة إلى أن تشرك بشكل وثيق في هذا الإصلاح الهيئات الأخرى المعنية بهذا الموضوع بصفة مباشرة وفي مقدمتها المجلس العلمي الأعلى والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والسلطة الحكومية المكلفة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة مع الانفتاح أيضا على هيئات وفعاليات المجتمع المدني والباحثين والمختصين وتقضي توجيهات العاهل المغربي برفع مقترحات التعديلات التي ستنبثق من هذه المشاورات التشاركية الواسعة إليه في أجل أقصاه ستة أشهر وذلك قبل إعداد الحكومة لمشروع قانون في هذا الشأن وعرضه على تصديق البرلمان وكان العاهل المغربي قد وجه في 31 يوليو تموز 2022 بمراجعة مدونة الأسرة لتجاوز الاختلالات التي اعترت بعض بنودها مشددا على ضرورة المشاركة الكاملة للمرأة المغربية في الحياة العامة وعلى النهوض بوضعها واعتبر العاهل المغربي في خطاب ألقاه بمناسبة الذكرى الـ23 لجلوسه على العرش أن المدونة لم تهدف يوما إلى تمييز المرأة على حساب الرجل بل أعدت بغية تمكين المغربيات من حقوقهن الكاملة التي يضمنها لهن الدين الإسلامي والدستور المغربي ودعا الملك إلى أن تكون التعديلات في إطار الشريعة الإسلامية ووفقا للاجتهادات التي يتوافق عليها أهل العلم وكان صدور مدونة الأسرة في عام 2004 قد شكل حدثا بارزا وكان أقوى تعبير عن الاستجابة للرغبة في تحديث المجتمع والنهوض بأوضاع الأسرة وتحقيق توازنها وحماية حقوق المرأة والطفل وتحقيق المساواة بين المرأة والرجل وإعادة الاعتبار لمؤسسة الزواج ولمسؤولية طرفيها معا غير أن مراجعتها أصبحت ضرورة حتمية اليوم بحسب الحركة النسائية والحقوقية في المغرب ودعا المؤسسات الدستورية إلى القيام بعملها لافتا إلى أن التجربة أبانت عن عوائق أمام هذه المسيرة وتحول دون استكمالها لأسباب سوسيولوجية لدى فئة من المواطنين مشددا على ضرورة التطبيق الصحيح لكامل مضامين المدونة وتجاوز العوائق التي تحول دون ذلك وبعد 19 سنة على دخولها حيز التنفيذ تعالت في الآونة الأخيرة دعوات من الحركة النسائية والحقوقية في المغرب لمراجعة قانون الأسرة ومواكبتها بالتقييم والتقويم لمعالجة النقائص التي أبانت عنها التجربة وكان لافتا انضمام المجلس الاقتصادي والاجتماعي البيئي حكومي إلى الحركة النسائية والحقوقية حيث قال في رأي أصدره بمناسبة اليوم العالمي للمرأة في 8 من مارس آذار 2022 آن الأوان لمراجعة مدونة الأسرة بما يتلاءم مع مقتضيات الدستور ومضامين الاتفاقيات الدولية التي صدق عليها المغرب وبما ينسجم مع طموحات تحقيق التمكين للنساء المغربيات وتعزيز المساواة بين الجنسين المعبر عنها في النموذج التنموي الجديد ولفت المجلس إلى أنه لا يمكن تحقيق المساواة بين النساء والرجال وضمان المشاركة الكاملة للمرأة في جميع مناحي الحياة العملية دون إطار قانوني منسجم مع طموحات البلاد يضمن للمرأة التمتع بحقوقها كاملة دون أدنى تمييز من جهة أخرى حدد المجلس عددا من الإشكالات والاختلالات التي تعرفها مدونة الأسرة في صيغتها الحالية منها تضمنها لأشكال من التمييز على مستوى الولاية على الأطفال حيث لا يسمح للأم بالولاية على أبنائها وهو ما يتعارض مع مبدأ تقاسم المسؤوليات الأسرية بين الزوجين ولا سيما تلك المتعلقة بالأطفال كما أن هذا المقتضى يؤثر سلبا في إعمال حقوق وواجبات الوالدين المنفصلين تجاه أطفالهما عندما تستمر الخلافات بينهما بالإضافة إلى ذلك فإن زواج المرأة طالبة الحضانة يسقط عنها حق حضانة الأطفال إلا في حالات خاصة ومن بين الاختلالات التي ركز عليها المجلس كذلك الزواج المبكر وكذلك إشكالية توزيع الأموال بين الزوجين في حالة الطلاق أو وفاة أحدهما