هذا العام السوري

21 مشاهدة

لم يكن ذلك الصباح كما أيّ صباح في سورية، لمّا شقشق الضوءُ فيه مع الخبر الذي شعّ بأرطالٍ من السعادة والبهجة لسوريين بلا عدد (ولملايين العرب)، خبر تحرّر البلاد وخلاصها من نظام الاستبداد والقتل والفساد، نظام أسرة الأسد، وفرار الشخص الذي أحرَز رئاسته الجمهورية من حادث سيرٍ قضى فيه أخٌ له، ثم ورث البلد من أبيه، صانع عمارة القهر الذي أريد له أن يكون إلى الأبد. انصرف ذلك الأبد إلى غير رجعةٍ في صباح اليوم الندّي، 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، فصار يوم عيدٍ وطنيٍّ سوري. ولمّا اكتمل عامٌ على ذلك اليوم الخالد، من بالغ الطبيعي أن يستعيد كل سوري تلك اللحظة، كيف عاشها، كيف فاجأته، كيف تلقّاها. ولكنه سيستعيد أيضاً وقائع وحوادث وتفاصيل ازدحم بها هذا العام الذي ضجّ بمشاعر واصطفافات ومواقف تسارعت وتتابعت، وكأنه كان عقداً، وليس اثني عشر شهراً. وقد زاول فيه عموم السوريين فائضاً من الحرية في نقد السلطة الجديدة، وفي الرضى عنها أيضاً. خاضوا في شأن المستقبل المشتهى، ومنهم من لم يعجبُهم العجب، ومعهم كل الحقّ، ومنهم من ماشوا السلطة في كل شأنٍ ومسألة، ومعهم كل الحق. وأكّد هذا كله أن الانعطافة الانتقالية حادّة وقوية، فقد غادر السوريون زمناً مديداً أثقل على أرواحهم وأبدانهم، ثم وجدوا أنفسهم في تمرينٍ على إدارة الخلاف والاختلاف فيما بينهم.
وفي الغضون، كان السؤال الاقتصادي العام، وما يتّصل به بشأن أحوال عيش السوريين وطبابتهم وسكنهم وتأميناتهم الاجتماعية وتعليم أبنائهم، وسائر قضاياهم اليومية، شديدَ الإلحاح والضغط، على السلطة الناشئة، وعلى المجتمع ونُخبه، سيّما وأن البلاد تحتاج عملية إسعاف كبرى، وهي التي ترزح تحت عقوباتٍ قاسية ظلمت الشعب طويلاً، ولم تؤذ آل الأسد ومشايعيها ولصوصها. فضلاً عن أن سياساتٍ اقتصادية أخذت السوريين إلى تباينات طبقية حادّة، ودمّرت العملة الوطنية، وخرّبت الإنتاج والصناعة والزراعة، بالتوازي مع عملية التهديم الكبرى في البشر والحجر 14 عاماً، معلومة النتائج الكارثية.
يُجيز هذا الإرث الثقيل، والشنيع، والمعقّد، القول إن من يتصدّون لمسؤولية معالجته، ولمحاولة الخروج منه، فدائيون. سيجتهدون

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح