العابرون في صمت الوطن

37 مشاهدة
alt="العابرون في صمت الوطن ::"/>
ماهر باوزير

لم يكن أمين صالح وحده، كان صوتًا من زمنٍ نقيّ، يعبر كغيره في صمت، ويمضي كما مضى من قبله كثيرون … لا تخليد حقيقي، لا أسماء على مدارس، ولا لافتات في الميادين، فقط كلمات تتوهج كل عام ثم تخبو .

في الجنوب، نعرف كيف نُشيّع الكبار، نكتب عنهم، نعلّق صورهم، لكننا لا نحفظهم كما يجب، لا نحفظ ما أرادوا، ولا نكمل ما بدأوا، وكأننا نكافئهم بالخذلان الصامت .

أمين لم يكن يبحث عن الخلود، كان يزرع الفكرة ويمضي، لكن كم من “أمين” مررنا على اسمه في الصور، ونسينا أن له عائلة تنتظر معاشًا، أو مشروعًا كان يستحق أن يُستكمل ؟

ليست المسألة في شخص بعينه، بل في ثقافة الوفاء حين تتحول إلى فولكلور موسمي، وتُؤرشف الكلمات بينما تُنسى الحقوق .

نكتب اليوم عن أمين، لا لنذكّر به فحسب، بل لنعترف بأننا لم نحفظ رسالته كما ينبغي، نكتب لأنه لا يزال يذكّرنا بما لم ننجزه، وبأن الأوطان لا تُبنى بالصور ولا بالكلمات المنمّقة، بل بصدق النوايا حين تغيب الأضواء والكاميرات .

لكن المشكلة ليست في الغياب، بل في الذين بقوا بعده، الذين يتحدثون عن النضال وهم يقايضونه على موائد السياسة، يتغنون بأسماء الكبار ليغطّوا على صغار أفعالهم، يرفعون صور الشرفاء، ويقتسمون الغنائم باسمهم !

الوفاء ليس منشورًا في ذكرى،
الوفاء موقف … والخذلان أيضًا موقف .

ويا للخزي، حين يتحوّل المناضل بعد موته إلى لافتة، بينما تُحرم أسرته من حقّ الحياة الكريمة، ويُمنح خصومه سلطة التكريم !

في زمن الرداءة، يُهان الكبار بالصمت،
ويُسرق التاريخ على يد الطارئين،
وتُمحى البصمات كي لا تُقارن بهم وجوه الحاضر الباهتة .

فلا تلوموا الموتى، لوموا من قتلوا المعنى وهم أحياء !

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع سما نيوز لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح