الطفولة المسلوبة في زمن الحرب
اليُتم، بمعنى الانفراد، واليتيم هو الفرد، وتدور الكلمة من الضعف والحاجة. في غزة اليوم، تتحقق هذه المعاني على أرض الواقع بشكل مأساوي، حيث يكبُر اليُتم قبلَ الطفولة، أطفالٌ يستيقظون من تحت الركام فلا يجدون آوياً ولا مأوى، ينتقلون بين المدارس المزدحمة بلا والدين، ومن دون أي نظام طارئ وفعّال يحاكي حالات الحرب أو يوفر لهم رعاية بديلة تحفظ حياتهم وكرامتهم. يعاني القطاع اليوم أكبر أزمة يُتم في التاريخ الحديث، حيث بلغ عدد الأيتام 39 ألف طفل نتيجة الإبادة المستمرة، بلا دفء أُسري، وبوجوهٍ شاحبة تُحاكي قصة فقدان لا يمكن تعويضه، تُسرق منهم الطفولة قبل أن تبدأ، لتَكشف هشاشة النظام الإنساني الدولي في التعامل مع مثل هذه الكارثة الإنسانية.
لم يغفل القانون الدولي عن حقوق الأطفال الأيتام، فقد تضمن إعلان حقوق الطفل 1924 (إعلان جنيف) خمسة مبادئ أساسية، أشار في الثانية منها إلى حالة الطفل اليتيم، مؤكدًا أن: اليتيم والمهجور يجب إيواؤهما وإنقاذهما، شكّل هذا الإعلان نقطة انطلاق للمسؤولية الجماعية للمجتمع الدولي تجاه الأطفال الذين حرموا من أسرهم، وعززت اتفاقية جنيف الرابعة (1949) هذه المسؤولية، مشددة في المادة (50) منها على حماية الأطفال الأيتام في أوقات الحروب والنزاعات، مؤكدة ضرورة احترام معتقداتهم وتربيتهم الثقافية، وتوفير رعاية ملاءمة تمكِّنهم من البقاء في بيئة داعمة تربوياً وإنسانياً. كما ألقت على الاحتلال واجب تشغيل المنشآت المخصصة لرعاية الأطفال وتعليمهم، واتخاذ كافة التدابير للتحقق من هويتهم وتسجيل نسبهم، وأوجبت عليه تأمين إعالة وتعليم للأطفال الذين تيتَّموا أو افترقوا عن والديهم بسبب الحرب في حالة عدم وجود قريب أو صديق يستطيع رعايتهم، على أن يكون ذلك بواسطة أشخاص من جنسيتهم ولغتهم ودينهم كلما أمكن.
أما اتفاقية حقوق الطفل (1989)، فقد خصّت الطفل اليتيم والمحروم من بيئته الأسرية بنص صريح في المادة (20) منها، مؤكدة الحماية والرعاية البديلة، كالحضانة، أو الكفالة الواردة في القانون الإسلامي، أو التبني، أو عند الضرورة، الإقامة في مؤسسات مناسبة لرعاية الأطفال. ولحقت هذه الاتفاقيات مبادئ توجيهية للرعاية البديلة للأطفال (2009)، أكدت حماية
ارسال الخبر الى: