بين الطبشور والبندقية معلم يمني يكتب أسطورته بالدم والتضحية
تقرير/ ربيع صبري + صهيب المياحي:
تتشابه قصص الأبطال، تتكرر التفاصيل، ويسهل سرد البطولات، لكن ليست كل القصص متشابهة، خاصة حين يكون بطلها معلمًا حمل سلاحين في آنٍ واحد: الطبشور في يد، والبندقية في الأخرى.
قاتل على جبهتين، واحدة في الصفوف الدراسية، والأخرى في ميادين الحرب، ليكتب فصلاً جديدًا في أسطورة التضحية، مقدمًا ثلاثةً من أطرافه وإحدى عينيه فداءً لوطنه.
إنه المعلم اليمني طه حسن الشرعبي، رجلٌ جمع بين حب العلم والوطن، وقف منذ الطلقة الأولى في ساحة المعركة، مدافعًا عن أرضه، بينما لم يترك رسالته التعليمية التي عشقها لأكثر من ثلاثين عامًا.
القفز نحو الموت لإنقاذ الرفاق
في أول أيام رمضان، وبينما كان يقود رفاقه في جبهة مقبنة (غربي تعز) زرعت مليشيا الحوثي عبوة ناسفة أثناء عملية تسلل. لم يتردد طه، ألقى بنفسه فوق العبوة ليحمي رفيقيه، لينفجر جسده قبل أن تنفجر عزيمته، ويخسر رجليه، وإحدى يديه وعينه، لكنه أنقذ زملاءه من موت محقق.
لم تكن هذه أول مرة يواجه فيها الموت، قبل الحادثة بثلاثة أيام، تسللت المليشيا إلى موقعهم وزرعت عشرات الألغام. حينها، قرر طه أن يغامر بنفسه ليكتشف الحقل الملغوم، وعندما حذره رفاقه، قال لهم: “أنا رجل كبير في السن، إن حدث لي شيء، تكون الخسارة أقل، لكنكم أنتم شباب، ومستقبلكم أمامكم.”
يقول طه عن كشفه لحقل الألغام في “أردت أن أثبت للقيادة أننا صادقون. قلت لهم: أنا مشيت من هنا، ومشيت فعلًا. حاول زميلي أن يمشي معي، لكني منعته. قلت له: لا تمشِ بعدي، يا أخي، أنا كبير السن، حتى إن حصل شيء -لا قدر الله- تكون الخسارة قليلة. لكنه أصرّ أن يرافقني، ومشينا معًا.
وأضاف، “قطعنا الطريق للموقع، ثم دخل الشباب ليبحثوا عن الألغام، فوجدوا حوالي 15 لغمًا مزروعًا، وقاموا بنزعها”، لكن ذلك لم يكن سوى مقدمة للثمن الأكبر الذي دفعه لاحقًا.
“سأموت.. أنتم ارجعوا!”
في الليلة التالية، وبينما كان يخطط مع زملائه لإعادة تحصين مواقعهم، فوجئ بضوء العبوة يلمع أمامه، كان يعلم أنه الهدف،
ارسال الخبر الى: