صراع الطاقة يتأجج في المتوسط تركيا وسورية نحو ترسيم الحدود

٦٠ مشاهدة
تتجه موازين الصراع على ثروات الطاقة في البحر المتوسط للتبدل تماما في الفترة المقبلة مع دخول سورية المعادلة عقب إعلان تركيا سعيها إلى ترسيم حدودها البحرية بين البلدين في مياه المتوسط مؤكدة أن هذه الصفقة ستسمح للبلدين بتحديد مساحات نفوذهما للتنقيب عن النفط والغاز ولطالما كانت مياه البحر المتوسط مسرحا لصراع ترسيم الحدود خلال السنوات القليلة الماضية لتأخذ شكل جبهات بين دول عربية وأوروبية على رأسها مصر واليونان في مواجهة تركيا لتباغت أنقرة هذا التحالف باتفاق لترسيم الحدود مع ليبيا في العام 2019 وهو ما أثار غضب أثينا وعواصم أوروبية وعربية على رأسها القاهرة قبل أن يتوارى الصراع في ظل تقارير مصرية تركية أخيرا لكن أنقرة بدت أنها تباغت الجميع هذه المرة من الشرق بتوجهها نحو اتفاق ترسيم مع دمشق قبل أيام قليلة خرج وزير النقل والبنية التحتية التركي عبد القادر أورال أوغلو ليعلن أن بلاده تهدف إلى ترسيم حدودها البحرية مع سورية في البحر المتوسط بعد تشكيل حكومة دائمة في دمشق مشيرا إلى أن هذه الصفقة ستسمح للبلدين بتحديد مساحات نفوذهما للتنقيب عن النفط والغاز وأي اتفاق مستقبلي في هذا المجال سيكون متوافقا مع القانون الدولي وجاء الرد الوحيد الرسمي على الإعلان التركي على لسان وزير النقل في الحكومة الانتقالية المؤقتة بسورية بهاء الدين شرم هذا الأسبوع بأن ترسيم الحدود ليس من اختصاص الحكومة الحالية تاركا الأمر على أهميته وما يمكن أن يتخلله من تفاوض وتحكيم للزمن ريثما تنقضي فترة الحكومة المؤقتة مطلع مارس آذار المقبل ويتم تشكيل حكومة انتقالية معترف بها وشرعية ورغم أن وزير النقل التركي أشار إلى أن ترسيم الحدود مجرد مقترح ومؤجل ريثما تتشكل حكومة وقيادة سورية معترف بها إلا أن دولا عدة استقبلت التصريحات التركية بشأن ترسيم الحدود البحرية مع سورية باحتجاج ورفض واضحين وأعلنت اليونان وقبرص في بيانين منفصلين أن الاتفاق المحتمل بين تركيا وسورية لترسيم حدود مناطقهما الاقتصادية الخالصة في البحر المتوسط سيكون غير قانوني وينتهك حقوق قبرص السيادية وقال المتحدث باسم الحكومة القبرصية كونستانتينوس ليتيمبيوتيس لوكالة الأنباء القبرصية إن أي نية لإبرام اتفاق بين تركيا وسورية بصفتهما دولتين لهما سواحل متاخمة يجب أن تستند إلى القانون الدولي ولا سيما القانون الدولي البحري الوارد في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار ويجب أن تؤخذ بعين الاعتبار حقوق جمهورية قبرص في المنطقة وشدد البيان على أن نيقوسيا تراقب تطور الأحداث عن كثب وتقيم الوضع بشكل مستمر منذ اللحظة الأولى مؤكدا أن أي محاولة للطعن أو التأثير أو إهمال الحقوق السيادية لقبرص تشكل انتهاكا للقانون الدولي وستتخذ قبرص جميع الإجراءات الممكنة على الصعيدين الدولي والأوروبي وأشار إلى التنسيق مع اليونان لإطلاع قادة الاتحاد الأوروبي على التحركات المحتملة لتركيا والحصول على الدعم الأوروبي من جانبها وصفت وزارة الخارجية اليونانية الاتفاق البحري المقترح بين تركيا وسورية بـغير الشرعي واعتبرت وزارة الدفاع الوطني اليونانية احتمال إبرام اتفاق بين تركيا وسورية خطوة غير ودية من شأنها أن تؤثر في العلاقات اليونانية التركية بيد أن موقف مصر لم يتضح بعد بينما تشهد القاهرة مأزقا كبيرا لا سيما بعد التقارب الحاصل مع أنقرة أخيرا ويبدو أن موقفها سيكون أكثر تعقيدا وفق محللين لا سيما في ظل أزمة الغاز التي تشهدها الدولة بين الحين والآخر نتيجة تناقص الإنتاج من حقل ظهر في البحر المتوسط واللجوء إلى الاستيراد من إسرائيل وأسواق الغاز المسال أخيرا على الجانب السوري وفي أول رد رسمي على الطرح التركي كشفت مصادر من وزارة النقل بالحكومة السورية الحالية لـالعربي الجديد أن وزير النقل بهاء الدين شرم أكد الاثنين الماضي خلال لقائه مع فاعلين في قطاع النقل البحري في مدينة طرطوس الساحلية غربي سورية أنه ستتم إعادة النظر بكل العقود الاستثمارية في المرافئ السورية من خلال لجنة خبراء قانونيين مؤكدا أن ترسيم الحدود ليس من اختصاص الحكومة الحالية بينما تتوافق آراء اقتصاديين وقانونيين سوريين وأتراك على أنه من حق تركيا وسورية ترسيم الحدود البحرية وذلك أمر سيادي وخاص بهما طالما يتم ضمن القوانين الدولية ويضمن حقوق البلدين ويصف الخبير الاقتصادي السوري محمد حاج بكري دعوة تركيا بـالمهمة لكنها في غير وقتها إذ لا يحق ربما لحكومة تسيير الأعمال أن تفاوض أو توقع على اتفاقات ترسيم الحدود والأهم برأي حاج بكري أن حكومة النظام المخلوع كبلت البلاد باتفاقات مع شريكتي بشار الأسد في الحرب على السوريين إيران وروسيا وأشار إلى أنه في مطلع عام 2021 وقعت وزارة البترول والثروة المعدنية في حكومة بشار الأسد عقدين مع شركتي كابيتال ليميتيد وإيست ميد عمريت الروسيتين حيث منحت إيست ميد عمريت عقد استكشاف في البلوك 2 الممتد من شمال طرطوس إلى جنوب بانياس على مساحة 2190 كيلومترا ومنحت الشركة الأخرى عقدا للتنقيب حصريا عن البترول وتنميته في البلوك البحري 1 في المنطقة الاقتصادية الخالصة لسورية في البحر المتوسط مقابل ساحل محافظة طرطوس حتى الحدود البحرية الجنوبية السورية اللبنانية على مساحة 2250 كيلومترا مربعا والتعاقد لمدة 25 عاما قابلة للتمديد لمدة خمس سنوات معتبرا أن إلغاء أو التفاهم على هذه الاتفاقات أولوية بالنسبة لسورية اليوم كما بقية الاتفاقات المتعلقة بالثروات نفط فوسفات وغاز لكن رئيس الائتلاف الوطني السوري السابق نصر الحريري قال لـالعربي الجديد إن سورية خلال الـ14 عاما الماضية لم تواكب التطورات والمسوحات البحرية المتعلقة بالنفط والغاز الموجودة في مياهها الإقليمية كما فعلت الدول المجاورة أو المطلة على البحر المتوسط ونعلم جميعا أن حوض المتوسط فيه كمية هائلة من الغاز إضافة للنفط لذا نرى الاهتمام والسعي والصراعات وأضاف الحريري أن من حق سورية بواقع المعاناة والخراب والحاجة للطاقة والمال أن تفكر باستثمار جدي وكبير في مياهها الإقليمية كما أن تركيا الجارة من أهم الدول التي تربطها بسورية علاقات استراتيجية وتعاون مستقبلي واعد ولكن مرجعية أي اتفاق ستكون وفق المصالح المشتركة والقانون الدولي وبدء التفاوض أمر إيجابي وسيأخذ وقتا ريثما تكون قد تشكلت حكومة سورية شاملة وممثلة للسوريين ومن صلاحياتها إبرام مثل هذا الاتفاق وفي حين تشدد العديد من دول البحر المتوسط على ضرورة أن يكون الحكم في ترسيم الحدود البحرية اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار تقول تركيا التي لم توقع على الاتفاقية إنها تستند للقانون الدولي وتعتبر الاتفاقية التي تم إقرارها عام 1982 أن كل دولة تمتلك ما يصطلح عليه بـمنطقة اقتصادية خالصة لمسافة 200 ميل بحري فقط وفي حالة شرق المتوسط تكون الدول ذات الحدود البحرية المشتركة هي التي بينها مسافات أقصر وسورية ليست موقعة على معاهدة الأمم المتحدة لقانون البحار ورفضت في السابق ترسيم حدودها مع لبنان وبعد الحرب السورية عام 2011 أصبحت دمشق خارج المعادلة تقريبا لتعود للمشهد بعد دعوة تركيا للتفاوض أخيرا وقال المحلل الاقتصادي التركي يوسف كاتب أوغلو لـالعربي الجديد إن تركيا لها الحق الطبيعي في أن تكون لديها اتفاقات مع الدول المطلة على البحر المتوسط وتركيا لديها أكبر شواطئ في شرق المتوسط بطول نحو 1100 كيلومتر وبعد اكتشاف الثروات الهائلة من الغاز والنفط تحت مياه المتوسط فإن جميع الدول المطلة على شرقي المتوسط لديها خطط استراتيجية لاستكشاف واستثمار تلك الثروات وبالتالي باتت مسائل ترسيم الحدود البحرية بين تلك الدول أولوية قصوى وأضاف أوغلو أن هناك محاولات من بعض الدول اليونان وقبرص وفرنسا وإسرائيل بشكل خاص لتهميش الدور التركي أو خلق مشاكل خلال ترسيم الحدود مع ليبيا أو أثناء المحافظة على حقوق قبرص التركية وأشار إلى أهمية ما تقوم به تركيا من مبادرة للإسراع بما يجب فعله من اتفاقات ثنائية مع سورية باعتبارهما دولتين مطلتين على المتوسط ولا يحق لأي دولة الاعتراض على الدول المتشاطئة والمتجاورة لأنه حق سيادي وطبيعي ولفت إلى إقصاء تركيا عن مؤتمرين عقدا حول غاز المتوسط في أثينا عام 2017 وفي القاهرة عام 2019 مضيفا أن ما تقوم به تركيا في ما يسمى الوطن الأزرق هو حقها الذي لا تتنازل عنه وستسلك الطريق مع سورية كما فعلت مع ليبيا عام 2019 ولن تعير اهتماما للاعتراضات طالما أنها تتعامل وفق القانون ومن منطلق المصالح المشتركة بدوره قال رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار غزوان قرنفل إن المفاوضات المقبلة بين سورية وتركيا لا بد أن تنطلق من الحقوق والعلاقات الطيبة للترسيم الأولي الذي لا بد أن يكون لاحقا وفق القوانين الدولية ومبادئ الأمم المتحدة ومحاولة الابتعاد عما نراه من صراعات واستقطاب لدول شرقي المتوسط لأن النزاع الحالي بين دول شرق المتوسط له أسباب تاريخية واقتصادية وجغرافية لكن العامل السياسي غالب على النزاع الذي يأخذ شكل التصعيد والتعقيد إلى ما قبل المواجهة بقليل ويتفاقم الصراع بين الدول المطلة على المتوسط خاصة بعد مطامع إسرائيل وسطوتها على حقوق الفلسطينيين واللبنانيين والخلاف على حدود قبرص اليونانية والتركية والتداخل بالحدود مع تركيا التي أبعدت عن منتدى غاز المتوسط ونشب ذلك الصراع بعدما قدرت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية في العام 2010 احتمال وجود ما يقرب من 122 تريليون متر مكعب من مصادر الغاز غير المكتشفة في حوض شرق المتوسط قبالة سواحل سورية ولبنان وفلسطين المحتلة وقبرص بالإضافة إلى ما يقارب 107 مليارات برميل من النفط القابل للاستخراج وعلى الرغم من أن هذه الأرقام تبقى في إطار التقديرات إلا أن ما عززها هو اكتشاف العديد من حقول الغاز في منطقة شرق البحر المتوسط وبدأت عمليات الاستكشاف بالازدياد بعد نجاح التحالف الذي تقوده شركة نوبل إنرجي الأميركية في اكتشاف حقل تمار في العام 2009 قبالة سواحل فلسطين المحتلة ومع توالي الاكتشافات أصبحت دول المنطقة أكثر اهتماما بتكليف الشركات الأجنبية بالقيام بأعمال الاستكشاف

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح