قراءة أولية في الضربة الإسرائيلية المركبة تصفية النخبة وتآكل الردع وانكشاف القوة الإيرانية

• شهدت إيران فجر اليوم الثالث عشر من يونيو/حزيران هجوما جويا إسرائيليا واسع النطاق استهدف مواقع متفرقة في العمق الإيراني، من بينها منشآت نووية ومقار عسكرية وأمنية، ومساكن ومنازل سكنية، وأسفر عن مقتل عدد من القيادات رفيعة المستوى في قطاعات الأمن والدفاع والبحث العلمي.
لم تقتصر العملية على حجم وكثافة النيران المستخدمة، وإنما عكست قدرة استخباراتية عالية، وتنفيذا متزامنا لمجموعة من الضربات النوعية، في مشهد يطرح أسئلة حادة حول فعالية منظومة الدفاع الإيرانية وطبيعة الرد الممكن.
• الاستهداف المتزامن لشخصيات مركزية في مواقع متعددة يشير إلى تخطيط دقيق ومعلومات تفصيلية متقدمة. وتشير المعطيات إلى أن الهجوم ركز على رموز تمثّل عقل النظام، وليس فقط: من مستشاري المرشد في الأمن القومي، إلى قائدي القوات المسلحة والحرس الثوري، إلى علماء مرتبطين بالبرنامج النووي. هذا النمط من الاستهداف يتجاوز الفعل العسكري المباشر، ويقترب من مفهوم الضربة المؤسِّسة، التي استهدفت إصابة مركز القرار وتعطيل البنية التي تدير المؤسسة الأمنية والعسكرية والعلمية دون الاكتفاء بالأهداف التقليدية.
• لم يكن الهدف الرئيسي تدمير المنشآت، وإنما تعطيل آليات اتخاذ القرار وضرب أعمدة المنظومة الاستراتيجية الإيرانية. وفي هذا الإطار، يبدو أن العملية حرصت على توجيه ضربات مزدوجة: جسدية إلى القيادات، ونفسية إلى الجهاز السياسي والعسكري برمّته إلى جانب مادية بتعطيل عمل المنشآت. ويصعب في المدى المنظور تعويض الخبرات والشبكات التي تمت تصفيتها خلال ساعات قليلة.
• لا تنحصر دلالات الهجوم داخل حدود إيران. فالرسائل موجّهة إلى الأطراف المرتبطة بطهران أيضا. أعني الميليشيات الحليفة التي لطالما نظرت إلى إيران كمركز للحماية والدعم وتراقب المشهد وهي تعيد النظر في معادلات الردع الإقليمي. كما أن الضربة تضع الدول المجاورة في موقع المراقبة القلقة؛ إذ تفتح الباب أمام احتمالات التصعيد والرد غير المتوقع.
• تتقلص خيارات الرد الإيراني في المقابل وسط بيئة إقليمية ودولية مشحونة. الرد المباشر قد يفتح مواجهة مفتوحة لا تملك طهران شروط حسمها. والرد عبر الحلفاء بات مكشوفا ومحدود الفاعلية، في حين أن تأجيل الرد أو الاكتفاء ببيانات رسمية
ارسال الخبر الى: