الصورة النمطية للرجولة والذكورية السامة

29 مشاهدة

في مجتمعات تتغذّى على تصوّرات نمطية للرجولة، تبدو الذكورية السامة كظلّ كثيف يرافق الرجل منذ طفولته حتى علاقاته الزوجية، وحتى بعد انهيارها. لا تقتصر آثار هذه الذكورية على النساء، كما يُعتقد خطأ، بل تصيب الرجال أنفسهم في صميم إنسانيتهم. غير أنّ المثير للقلق هو الطريقة التي تُعاد بها هذه الذكورية إلى الواجهة بعد الطلاق، لا باعتبارها مجرّد تركة من الماضي، بل باعتبارها وسيلة للدفاع، والانتقام، وإثبات الذات.

هذا المقال لا يهدف فقط إلى تفكيك الذكورية السامة بوصفها ظاهرة ثقافية وسلوكية، بل يسعى إلى تحليلها باعتبارها منظومة تتجدّد بعد الطلاق، وتتحوّل من منظومة داخل العلاقة الزوجية إلى سلاح يُستخدم ضدّ الشريك السابق، وضدّ الذات أحياناً، في مشهد يعكس عمق الأزمة النفسية والاجتماعية التي يعيشها المطلقون في بيئات تقليدية.

الذكورية السامة منظومة قيم وليست سلوكاً فردياً

قبل الغوص في آثار الذكورية بعد الطلاق، لا بُدّ من إدراك أنّ الذكورية السامة ليست سلوكاً عابراً، بل منظومة قيم مترسّخة في الوعي الجمعي. هي أشبه بـنص ثقافي يُلقّن للذكور منذ الصغر: لا تبكِ، لا تشتكِ، لا تُظهر ضعفك، لا تكن تابعاً، لا تتنازل. هذه العبارات البسيطة تتراكم لتشكّل وعياً قاسياً يُقصي الرجل عن مشاعره ويجعل من السيطرة والعنف وسيلته للتعبير الوحيد. اللافت أنّ كثيراً من الرجال لا يدركون أنّ سلوكهم يخضع لهذه المنظومة، بل يظنون أنهم يتصرّفون بـالطبيعة أو المنطق. في الواقع، هم ينفذون نصّاً جماعياً غير مرئي، يُملي عليهم كيف يكونون رجالاً في مجتمع لا يسمح لهم إلا بقناع واحد.

الطلاق مرآةً للذكورية المأزومة

عند انفصال الزوجين، تظهر التصدّعات التي كانت مطمورة خلف واجهة الحياة الأسرية. هنا، لا ينتهي حضور الذكورية السامة، بل يبدأ فصل جديد منها. فكثير من الرجال يعتبرون الطلاق فشلاً شخصياً يجب التعويض عنه بمزيد من السيطرة. والمفارقة أنّ بعضهم، رغم اقتناعهم بانتهاء العلاقة، يدخلون في صراع مع الزوجة السابقة لا بسبب الحبّ، بل بسبب الحاجة إلى إثبات التفوّق والهيمنة.

كثيرٌ من الرجال يعتبرون الطلاق فشلاً شخصياً يجب التعويض عنه بمزيد

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح