الكتابة كلمات واضحة مكشوفة والكلمات مشاعر عزيزة مكنونة وستبقى الكتابة ما بقيت فخا وطوق نجاة شهر مر بالتمام والكمال لم أجد فيه القدرة على الكتابة أو كلمات مناسبة لهذا المقال وإني لأعجب كيف يتدفق الكلام من حولي بشراهة في الخوض ونهم إلى القيل والقال وعناد على الخصام والجدال في حين يستعصي هذا الضجيج داخلي على محاولات الصياغة فباءت كلها بالفشل وظلت المعاني حبيسة أعماقي خرساء كنجوم الليل وقد تجنح إلى الصمت وبين جنبيك ما يكفي لخلق طوفان هادر كيف لا والوجع أكبر من كل قوالب الألفاظ التي أعرفها ومن مجاز كل اللغات التي أتقنها صدق من قال إن الإنسان المتألم هو وحده وجه الحقيقة بقلب يقلبه الألم من وجع لآخر وتسلمه المحن من قدر لآخر وبروح تنهشها التراكمات وبعمر تآكلته الأزمنة والتجارب وبقسمات وجه أنهكه التصنع وبذاكرة تلدغ وما أثقل ذاكرتنا وما أتعسنا فنحن لا ننسى أحزاننا أبدا وإن تركناها فهي لا تتركنا إننا نكابد لنبدي الرضا ولنسبقها لكنها في عناد تأبى وكلما توقفنا في محطة حزن جديدة أدركتنا ولم نزل نكابد ونصابر في جلل آلام غزة المنكوبة فلا ندوب الوجع الضارب اندملت ولا جراح لوعة الخذلان التأمت حتى أطل علينا الكرب السوري من جديد ذاك الذي كنا عبثا نتحاشاه وظن بعضنا من غفلة أنا قد تناسيناه وما نسيناه ولكن تعددت الخطوب والمصاب واحد حتى احتارت مآقينا أنبكي الشام الطريد الشريد في غربته أم نبكي فلسطين ما أثقل ذاكرتنا وما أتعسنا فنحن لا ننسى أحزاننا أبدا وإن تركناها فهي لا تتركنا عادت تركيا هذه المرة لتنشر ما كنا كتمناه من حقائق ضجت بها ضفاف الموت في وطن اليتامى وجعلت من السوريين قتلى ومصابين تتهارش الكلاب القذرة على عظامهم ودورهم وأحلام ثورتهم والحبل على الجرار لاجئين ونازحين تلفهم قسوة الغربة وتلفحهم نيران الغياب والهوان وما أقبح أن يغتر على الأشراف الأسافل انطلق الحقد في شوارع الأناضول ككرة الثلج التي تدحرجت بفيديو مضلل لجريمة تحدث كل حين والأصل أن يتعهدها القضاء ويتتبعها القانون لكن العمى رآه كالقشة التي قصمت ظهر البعير فانفجرت الفتنة كفيل غاضب في متجر خزف يطارد مآسي السوريين ليجددها وأملاكهم التي أحنوا من أجلها ظهورهم وتحفظ وجوههم ليبددها فعاث فيها حرقا وكسرا تهشيما وإفسادا وما زال لوقع خطاه بعض الصدى يسحقهم ويذكرهم بازدراء أن تلك الأرض ليست أرضهم وأنهم بلا جذور فيها مجرد غرباء أو دخلاء وكم يسهل اقتلاعهم ورميهم وإن لم يكن اليوم فغدا فلا تعجب لهذا الطبيب باسم الوطن يقتلهم وذلك المعمم باسم القدس يذبحهم وذاك الوحش القادم من قمم الثلوج الباردة طمعا في الدفء يقصفهم وأعجب لمحور الشر بكل أسمائه وأسبابه وكل مخالبه وأنيابه كيف هب واتحد تعددت الخطوب والمصاب واحد حتى احتارت مآقينا أنبكي الشام الطريد الشريد في غربته أم نبكي فلسطين ثم انظر لجناب سلطانه بالأمس آواهم على عجل واليوم يركلهم على مهل ولا تسأل عن العهد الذي فقد بل سل عن الثمن الذي حصد لكن ما حيلة من يستغيث بالذئب ليحميه من ضبع ألا يقولون المستجير بعمرو عند كربته كالمستجير من الرمضاء بالنار طبعا سيقول بعضهم الزمن زمن مجازر فالتمسوا لنا من السبعين عذرا ولكن عذرا لم أرد بقسوة كلامي أن أزيد الجروح إيلاما ونزفا أو أن أتبجح بنصيحة قديمة وأرفع بها على أحد رأسا لكن كثيرين يجعلون أصابعهم في آذانهم ويستغشون ثيابهم ويصرون رغم التنبيه على الوقوع في الحفر مرة بعد مرة وكأننا خلقنا لالتماس الأعذار وخلقوا للوقوع في الحفر عذرا مرة أخرى للحالمين الأنقياء ستظل كلمات الخطيب والقاشوش والساروت لأحلامنا العجاف طهرا وستظل كلماتنا وقلوبنا لأحلامكم جسرا وسنظل نردد لتحفر داريا والغوطة وعرسال كما نقشت من قبل حماة وجنين واليوم الشجاعية وخانيونس في وجداننا صمودا كما يشتهيه الكبرياء وسالت من أجله الدماء عفوا لن تنصفكم هذه الكلمات فربما بات الأمر المكرر كل يوم بالنسبة لنا شبه عادي بينما هو في عيون أحدكم زلزال العمر فشتان بين عالمكم وعالمنا لا التأمل في الواقع كاف ولا الخيال مسعف ولا الكلمات تطيق فإنما هي محاولات ميت يرفل في نعيم كاذب لوصف شقاء العظام في جنة الجبناء