مياه الصرف الصحي تفاقم معاناة الفلسطينيين وسط الحرب على غزة
٤٣ مشاهدة
تسجل أزمة في الصرف الصحي بقطاع غزة راحت تتفاقم أكثر فأكثر في الآونة الأخيرة وفي حين تهدد هذه الأزمة صحة الفلسطينيين في مختلف مناطق القطاع المحاصر والمستهدف بحرب إسرائيلية مدمرة منذ أكثر من تسعة أشهر صارت تعرقل كذلك تحركاتهم ولا سيما مع تجمع المياه العادمة وتشكيلها بركا في الطرقات وكانت هذه الأزمة البيئية والصحية قد بدأت في الأيام الأولى من الحرب التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 نتيجة قطع الكهرباء عن الفلسطينيين في سياق تشديد الحصار المفروض عليهم كذلك منع إغلاق المعابر إدخال الوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية الخاصة بمضخات تصريف المياه العادمة إلى محطات المعالجة حتى لا تتدفق إلى الطرقات وتلوث المحيط وتهدد سلامة السكان بدوره يساهم استهداف قوات الاحتلال شبكات الصرف الصحي من خلال قصفها وتخريبها في تفاقم الأزمة أكثر وهذه الأزمة لم تكن منذ البدء محصورة في منطقة واحدة من قطاع غزة على سبيل المثال حذرت بلدية مدينة غزة شمالي القطاع في بداية شهر نوفمبر تشرين الثاني الماضي أي بعد أيام من شن الاحتلال حربه الأخيرة من غرق أجزاء كبيرة من المدينة بمياه الصرف الصحي من جراء استهداف الطائرات الإسرائيلية خطوطا رئيسية في شبكته توفر خدمات لنحو نصف سكان المدينة واليوم لم تعد بلديات المدن في قطاع غزة تصدر أي تحذيرات في هذا الخصوص إذ إن البنى التحتية كلها تقريبا استهدفت بتدمير ممنهج في الشمال كما في الجنوب والوسط وهكذا راحت المياه العادمة تسيل في الطرقات بمختلف المناطق في حين تتشكل بركا منها هنا وهناك في الطرقات وبين البيوت وفي مخيمات النازحين إلى انتشار الحشرات ومن ثم الأمراض بين الفلسطينيين الذين لا يملكون ترف الإصابة بمرض ما وسط انهيار المنظومة الصحية في القطاع المنكوب نتيجة الحصار المشدد وقطع الإمدادات الطبية ومنع إيصال المساعدات ذات الصلة وتتكرر مشاهد سيلان مياه الصرف الصحي وتجمعاتها في كل أنحاء القطاع ولعل آخرها في خانيونس جنوبي قطاع غزة وكذلك في دير البلح بالوسط ولعل تهجير الفلسطينيين وما يخلفه من ضغط على مناطق معينة بعد اكتظاظها بالنازحين ضاعف الأزمة نتيجة الإجهاد المستجد للشبكات المتضررة أو المتهالكة وهكذا صار الحمل ثقيلا على جنوبي قطاع غزة ووسطه بعد تهجير آلة الحرب الإسرائيلية سكان الشمال بمعظمهم وحشر نحو مليوني نسمة في نقاط محددة بالمنطقة الواقعة إلى جنوب وادي غزة وهناك لا تبدو مهمة معالجة طفح مياه الصرف الصحي سهلة مع تراجع الخدمات التي يفترض على البلديات تقديمها بسبب انهيار قدرات الإدارات المحلية والنقص في المعدات المطلوبة لمعالجة مثل تلك المشكلات والنقص في العديد كذلك إلى جانب كل ذلك يذكر واقع الحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على القطاع الفلسطيني منذ نحو 17 عاما وما خلفه ذلك من تدهور في قدرات قطاعات كثيرة في هذا الإطار يقول المواطن الفلسطيني صهيب أبو ريالة لـالعربي الجديد إن الأزمات تتوالى على أهالي قطاع غزة منذ اللحظات الاولى للحرب الإسرائيلية الأخيرة سواء أكانت تتعلق باستشهاد الأبناء والأقارب أم بفقدان البيوت ومصادر الرزق أم بالنزوح قسرا من مناطق السكن الأمر الذي أدى إلى واقع قاس خسر فيه هؤلاء حياتهم الطبيعية ويلفت أبو ريالة إلى أن أزمة الصرف الصحي والمشكلات المترتبة عليها في الشوارع والمدارس ومراكز الإيواء وخيام النازحين تمثل خطرا حقيقيا على حياة الفلسطينيين ويوضح أبو ريالة أن برك تجمع مياه الصرف الصحي أدت إلى انتشار البعوض وحشرات أخرى إلى جانب الرائحة الكريهة التي صارت ترافق الفلسطينيين في الأماكن العامة كما في داخل خيامهم بدوره هجر المواطن الفلسطيني خالد الزيناتي من حي الشيخ رضوان بمدينة غزة في اليوم السابع من الحرب بعدما أمرت قوات الاحتلال سكان الشمال بالتوجه إلى جنوبي وادي غزة واستقر مع عائلته في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة يقول الزيناتي لـالعربي الجديد إنه لم يعد يسمح لأطفاله بـالخروج من الخيمة بسبب برك المياه العادمة التي تمثل خطرا مباشرا على سلامتهم ويوضح أن تجمع أكثر من 700 ألف فلسطيني في دير البلح سبب فقدان السيطرة على تصريف المياه العادمة نتيجة الضغط الشديد وعدم قدرة المصارف على استيعاب كل تلك المياه خصوصا مع انعدام إمكانيات البلديات وانقطاع الكهرباء ونفاد الوقود ويشير الزيناتي إلى أن أزمة الصرف الصحي لم تعد تقتصر على الرائحة الكريهة أو الصحة العامة فحسب إنما تؤثر على حركة الفلسطينيين نتيجة سيلان المياه العادمة وتشكل برك منها كذلك يشكو المواطن الفلسطيني عمار أنس من تفاقم أزمة الصرف الصحي فهذا المهجر من مدينة غزة يعيش اليوم في مدينة دير البلح وقد أقام فيها بسطة للمأكولات الشعبية لعله يتمكن من توفير قوت عائلته منها لكن طفح شبكات الصرف الصحي المتواصل يعطله بحسب ما يخبر العربي الجديد فالروائح الكريهة تنتشر في المكان وكذلك الحشرات في حين أن المياه العادمة تسيل بالقرب منه في سياق متصل يوضح رئيس قسم المياه والصرف الصحي في بلدية النصيرات وسط قطاع غزة محمد الجدي لـالعربي الجديد أن مضخات الصرف الصحي التي تحول المياه العادمة إلى محطات لمعالجتها تعتمد في عملها بصورة أساسية على الكهرباء لذا أدى انقطاع التيار الكهربائي إلى توقف عمليات الضخ إلى محطات المعالجة فراحت تسيل المياه العادمة وتشكل بركا الأمر الذي أدى إلى انتشار حشرات وأمراض يضيف الجدي أن شبكات الصرف الصحي في المحافظات مخصصة لخدمة سكانها المحدد عددهم لكن الأمر تغير أخيرا ويتابع أن الضغط زاد على أنابيب الصرف الصحي في بلدية النصيرات المخصصة لتوفير الخدمة لأهلها مع ارتفاع عدد السكان وسط النزوح الكبير