الصراع اللاسياسي في ليبيا

81 مشاهدة

في حوار جديد مع صديقي الوهمي، صاحب النظرة الثاقبة التي نادرًا ما تُصيب، قال لي بكلّ ثقة: المشكلة في ليبيا بين الأطراف السياسية.... قاطعته ضاحكًا ولم أدعه يُكمل. ضحك هو أيضًا، لكنه لم يفهم لماذا.

في ليبيا، كلّ شيء يُحسبونه سياسة: حوارات، اجتماعات، مُبادرات، اتفاقات. لكنّك إن نظرت من قرب، فستجد أنّ كلّ من يمسك بخيوط اللعبة لا يعرف معنى السياسة أصلًا. خذ البرلمان مثالًا: لو جمعت أعضاءه المئتين، أو من تبقّى منهم على قيد الحياة، وسألتهم سؤالًا بسيطًا: ما هو توجّهك السياسي؟ ستسمع إجابات من نوع: أنا مع الجيش، أو أنا مستقل، أو أنا مع الاستقرار. أحدهم قد يهزّ رأسه مُعتقدًا أنّه أجاب إجابة نموذجية، بينما هو في الواقع يكرّر شعارات فارغة لا أكثر.

أعضاء مجلس الدولة؟ حكومة الدبيبة؟ حكومة حماد؟ المجلس الرئاسي؟ خذ من كلٍّ حفنة، فلن تجد بينهم من يعرف اليمين من اليسار، ولا من قرأ كتابًا في السياسة، ولا من يعرف من السياسيين سوى ما يراه في نشرات الأخبار. هؤلاء لا ينطلقون من أيّ منطلقات سياسية، بل من غرائز أو مصالح تتعلّق بالسلطة والنفوذ، المال والغنيمة، وغيرها.

كلّ من يمسك بخيوط اللعبة لا يعرف معنى السياسة أصلًا

في ليبيا، لا وجود لعمل سياسي حقيقي. فمنذ الاستقلال، كانت الأحزاب ممنوعة، والسياسة الوحيدة التي مُورست كانت تحت مظلّة النظرية العالمية الثالثة: إقامة الولائم، حشو البطون، توزيع الوعود على أبناء القبيلة أو المنطقة، في انتظار لحظة التصعيد برفع الأيدي لاختيار مرشّحك تارةً، أو لضرب أنصار المرشّح الخصم تارةً أخرى. ثم تحمل ملفاتك تحت الإبط بحثًا عن وظيفة مرموقة أو حتى راتب من أنقاض الدولة.

أين الأحزاب السياسية؟ كثيرة هي بالأسماء، برّاقة بالشعارات، لكنها فارغة من أيّ مضمون. أحزاب شنطة، لا يتجاوز عدد أعضائها شخصين أو ثلاثة في أفضل الأحوال. لا ندوات، لا ورش، لا صالونات فكرية، لا نشاط في الجامعات، لا صحف حزبية، ولا حتى خصومات فكرية بين اليمين واليسار والوسط. لا شيء سوى حسابات مهجورة على منصّة فيسبوك

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح