الصحراء المغربية ما قبل 31 أكتوبر وما بعده
دخلت قضية الصحراء المغربية منعطفاً حاسماً بعد قرار مجلس الأمن، الصادر الجمعة الفائت، الذي يَعدُّ مقترح الحكم الذاتي الحقيقي، الذي سبق أن قدّمه المغرب في عام 2007، أحد أكثر الحلول واقعيةً، ويشجّع الأطراف على طرح أفكارها دعماً لحلّ نهائي مقبول من الطرفين. وعلى الرغم من التغيير الذي طرأ على الصيغة الأولى للقرار، التي كانت تنصّ على أن الحكم الذاتي الحقيقي، تحت السيادة المغربية يبقى الحلّ الأكثر جدوى، ونجاحِ الضغوط الروسية في ربط مقترح الحكم الذاتي، أحدَ الحلول الأكثر واقعية (وليس الحلّ الوحيد)، بـإمكانية تطبيقه. على الرغم من ذلك، نجحت الدبلوماسية المغربية، في النهاية، في كسب أوراق قد تكون حاسمةً في مقبل الأيام، في أفق الطيّ النهائي لنزاع الصحراء المُفتعَل.
من قراءة متأنّية في ما بين سطور القرار، يبدو أن هناك توافقاً قيد التشكّل داخل مجلس الأمن بشأن نزاع الصحراء، فروسيا (الحليفة التقليدية للجزائر) والصين لم تستعملا حقّ النقض (فيتو) ضد قرارٍ يطالب الأطراف بالمشاركة في المناقشات من دون شروط مسبقة، على أساس خطة الحكم الذاتي... بغاية التوصّل إلى حلّ سياسي، نهائيٍّ ومقبولٍ من الطرفَين، يضمن تقرير مصير شعب الصحراء الغربية. وهذا بحد ذاته مؤشّرٌ على أن قيام دُويلة في جنوب المغرب قد لا يكون في مصلحة روسيا والصين، الطامحتَين إلى تعزيز نفوذهما في منطقة جنوب الصحراء والساحل، ولاسيّما في وجود حزمة مصالح تجارية واقتصادية لا يستهان بها بينهما وبين المغرب. مصالح تعي الرباط جيّداً أن إسهامها في تعزيز النفوذ الاقتصادي الروسي والصيني في المنطقة قد يكون له عائد سياسي على صعيد نزاع الصحراء. كما أن عدم مشاركة الجزائر في التصويت، بدل التصويت بالرفض، قد يكون أيضاً بداية تحوِّل في موقفها بشأن النزاع، وتشكُّل وعي جديد لدى صنّاع القرار في الجزائر بأن المقاربة الأرثوذكسية لملفّ الصحراء، التي تجد جذورها في السياق العام للحرب الباردة، قد لا تكون مجدية وواقعية، أمام المتغيّرات الإقليمية والدولية التي يحرّكها الصراع على المصالح الاقتصادية والاستراتيجية العابرة للحدود.
نجحت الدبلوماسية المغربية في تحويل مقترح الحكم الذاتي أرضيةً
ارسال الخبر الى: