تتزايد تحركات المستوردين في أوروبا نحو تقليل اعتمادهم على منتجات الصين مع توسيع الاتحاد الأوروبي إجراءات التدقيق في السلع الواردة من العملاق الآسيوي وذلك وسط تحركات أميركية لإقناع الأوروبيين بالاصطفاف في مواجهة أكبر سوق تصديرية في العالم وأطلق الاتحاد الأوروبي تحقيقات واسعة على مدار الأشهر الماضية في دعم الحكومة الصينية صناعاتها في العديد من القطاعات لاسيما السيارات الكهربائية التي من المتوقع أن تكشف المفوضية الأوروبية قريبا عن زيادة الرسوم الجمركية عليها وقال ريتشارد لوب الرئيس التنفيذي لشركة دراغون سورسينغ Dragon Sourcing ومقرها بلجيكا إن الاتجاه الكبير الآن هو أن تقلل الشركات من اعتمادها على الصين مشيرا إلى أن هذا الاتجاه آخذ في التزايد منذ أن أخذت الولايات المتحدة زمام المبادرة في فصل الدول الأوروبية عن الصين لكن على عكس الشركات الأميركية التي سعت بقوة إلى الحصول على موردين جدد في أعقاب فرض واشنطن نظاما صارما من الرسوم الجمركية وغيرها من القيود منذ ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب يركز الأوروبيون على تقليل اعتمادهم في مجالات محددة حيث يعتقدون أنهم أصبحوا يعتمدون بشكل مفرط على البضائع الصينية وقال لوب لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية أمس الأحد إن العملاء الأوروبيين يشعرون بقلق متزايد بشأن تعرضهم للصين خاصة أولئك الذين يعملون في صناعات التجزئة غير الغذائية وهي فئة تشمل كل شيء من الملابس والأجهزة إلى الإلكترونيات وألعاب الأطفال وفي ظل التدقيق الأوروبي في الاستيراد من الصين بدأ العديد من المستوردين يشعرون بالمخاطرة في الشراء من العملاق الآسيوي لذا إذا كان فارق السعر ليس كبيرا أو متقاربا مع أسواق بديلة مثل الهند فإنهم يحولون وجهتهم إلى البدائل في الأثناء تجري الولايات المتحدة تحركات لتوحيد صف الأوروبيين لمواجهة ممارسات الصين الاقتصادية واستضاف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره الأميركي في باريس يوم السبت الماضي حيث ناقشا الخطوات التي يمكن أن تتخذها الولايات المتحدة وأوروبا لجعل اقتصاداتهما أكثر مرونة في مواجهة الواردات الصينية وقال ماكرون للصحافيين لقد أعربنا عن نفس المخاوف بشأن ممارسات الصين المحتملة غير العادلة والتي تؤدي إلى خلق طاقة فائضة وهو موضوع له أهمية كبيرة للاقتصاد العالمي لدرجة أننا نحتاج إلى التصرف بطريقة منسقة ولم يثر بايدن الموضوع خلال لقاء صحافي مع ماكرون لكن أثناء حديثه في وقت سابق تحت مظلة في فناء قصر الإليزيه قال بايدن للرئيس الفرنسي إنه يتعين على الولايات المتحدة وأوروبا التنسيق معا بشأن الاستثمارات المحلية وسمع الصحافيون الرئيس الأميركي وهو يخبر ماكرون عن مناقشته الأخيرة مع الرئيس الصيني شي جين بينغ الذي اعترض على الرسوم الجمركية الأميركية على السيارات الكهربائية الصينية وقال بايدن إنه دافع عن رسوم الاستيراد خلال محادثته مع شي وفق ما نقلت وكالة بلومبيرغ الأميركية ورغم اتفاق الأوروبيين مع الأميركيين بشأن المخاوف من تضرر صناعاتهم من الزحف السلعي الصيني إلا أن الدول الأوروبية تنظر بقلق أيضا لسياسة الحمائية الأميركية المتنامية فقد أثار قانون خفض التضخم الذي أقره بايدن غضب الزعماء الأوروبيين بمن فيهم ماكرون إذ باتوا يشعرون بالقلق من أن مليارات الدولارات من الإعانات التي خصصت لجعل قطاع الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة أكثر قدرة على المنافسة ضد الصين يمكن أن تلحق الضرر بالشركات الأوروبية ووصف بايدن هذا الإجراء بأنه أكبر استثمار أميركي على الإطلاق في مكافحة تغير المناخ ويبدو موقف أوروبا من الابتعاد عن الصين أكثر صعوبة إذ حذر محللون من أن الضغط من أجل التخلص من المخاطر في ما يتعلق بالاعتماد المفرط على السلع الصينية من غير المرجح أن يؤثر على إجمالي صادرات الصين بشدة مشيرين إلى زيادة الشحنات إلى المصانع الصينية في مراكز التصنيع البديلة في الخارج مثل فيتنام والمكسيك وزيادة القدرة التنافسية للسلع المنتجة محليا في دول أوروبية وأضافوا أن جاذبية قاعدة الإنتاج الصينية ستؤدي أيضا إلى تعقيد الجهود للعثور على موردين جدد وكان فنسنت كليرك الرئيس التنفيذي لشركة ميرسك للشحن قال في منتدى اقتصادي في هونغ كونغ في إبريل الماضي حتى الآن نشهد المزيد من سيناريو الكراسي الموسيقية أينما تذهب تجد البضائع الصينية لكن إنتاجها ليس من نفس المكان الذي كان عليه من قبل وفي ظل سياسة الإنتاج في الحدائق الخلفية التي تنتهجها الصين وخلق أسواق بديلة لتصريف منتجاتها لاسيما وسط القيود الأميركية المتسعة يزداد قلق الأوروبيين من تزايد تدفق السلع على أسواقهم وقال الباحث الاقتصادي في جامعة بريمن دافيد رايشل في حديث مع العربي الجديد إنه في ظل هذه الأجواء من المنطقي أن تقر المفوضية الأوروبية خلال الفترة المقبلة زيادة في الرسوم الجمركية على السياسات الكهربائية الصينية ويطبق الاتحاد الأوروبي حاليا تعريفات جمركية بنسبة 10 على جميع السيارات المستوردة بينما يحتاج إلى رفعها إلى 50 لتحقيق تكافؤ الفرص وفقا لتقديرات المحللين في روديوم غروب وهي شركة أبحاث في الولايات المتحدة وتضاعفت الواردات الأوروبية من السيارات الكهربائية الصينية بين 2021 و2023 لتصل إلى أكثر من 430 ألف سيارة سنويا بقيمة 10 مليارات يورو وفقا لتقديرات معهد بيترسون للاقتصاد الدولي ومقره واشنطن في المقابل فإن صادرات السيارات الكهربائية الأوروبية إلى الصين لا تكاد تذكر وتخشى بروكسل من إغراق سوق الاتحاد الأوروبي ما قد يؤدي إلى القضاء على صناعتها المحلية وواجه الاتحاد الأوروبي في العام الماضي عجزا تجاريا في السلع بما يقرب من 300 مليار يورو 324 مليار دولار مع الصين