حي الشجاعية تكرار مشاهد قتل الفلسطينيين وتهجيرهم في غزة
٢٩ مشاهدة
لا تكاد قوات الاحتلال الإسرائيلي تنهي عملية مركزة لها في منطقة معينة من قطاع غزة إلا وتشن أخرى تقتل في خلالها الفلسطينيين المحاصرين وتهجر آخرين وأخيرا كان دور حي الشجاعية في مدينة غزة الذي لم تندمل جراحه من الحروب السابقة بعد ولا من الاستهدافات السابقة في خلال العدوان الأخير المتواصل لليوم 266 ومرة جديدة يتعرض حي الشجاعية الواقع في شرق مدينة غزة شمالي القطاع المحاصر إلى قصف عنيف ومكثف من قوات الاحتلال التي تدك مناطق عديدة فيه بطريقة وصفت بأنها غير مسبوقة وقد شنت عملية مفاجئة صباح أول من أمس الخميس قبل أن يخرج المتحدث باسم جيش الاحتلال الاسرائيلي أفيخاي أدرعي ويأمر سكان الحي بمغادرته في حين كان الشهداء يسقطون والمباني التي ما زالت واقفة تدمر وتتكرر مشاهد النزوح الذي تحرق قلوب سكان الحي الذين اختبروا التهجير مرارا وتكرارا ليس فقط في خلال هذه الحرب المتواصلة على قطاع غزة منذ أكثر من ثمانية أشهر إنما كذلك في حروب إسرائيلية سابقة وكان من الممكن رؤية أطفال يحملون حقائبهم المدرسية على ظهورهم وقد خرجوا مذعورين من المباني التي كانت تؤويهم وراحوا يركضون في حين أن القذائف تنهال عليهم يذكر أن حقائبهم تلك كانوا قد أفرغوها من كتبهم المدرسية بعد خسارة عامهم الدراسي وسط العدوان ووضعوا فيها ما تبقى لديهم من ملابس وأحذية بالإضافة إلى وثائق ثبوتية وأصدر الاحتلال الإسرائيلي أوامره بإخلاء 28 مجمعا سكنيا في حي الشجاعية وحي التفاح الملاصق له لكنه يتبين من خلال الاطلاع على الخريطة التي نشرها أن ثمة مناطق هناك سبق أن سويت بالأرض في ديسمبر كانون الأول 2023 ويثير هذا الأمر استغرابا لأهل غزة إذ إن الاحتلال بعدما كان قد قضى كليا على مواقع بحد ذاتها راح يوجه الأوامر للخروج منها ولا سيما منطقة التركمان التي دمر فيها مربعا سكنيا كاملا في بدايات حربه الأخيرة وفي الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر يوم الخميس الماضي رصد عدد من سكان حي الشجاعية لجهة الشرق تحرك مركبات عسكرية في اتجاه الغرب خصوصا صوب شارع بغداد الرئيسي في الحي ذلك الذي يفصل منطقة التركمان عن الأحياء المجاورة مثل حي التفاح ومنطقة مقبرة التوانسي المعروفة والمكتظة بالسكان الفلسطيني محمد حلس البالغ من العمر 34 عاما يعيش مع من تبقى من عائلته في حي الشجاعية الذي يعد مسقط رأسه يخبر العربي الجديد أن أفراد عائلته بمعظمهم نزحوا إلى جنوبي قطاع غزة بعدما هجرتهم آلة الحرب الإسرائيلية لكنه صمد مع عدد قليل من العائلة في الشمال الذي عزل عن الوسط والجنوب ويبين أنهم نزحوا مرات عدة إلى مناطق مختلفة في مدينة غزة لكنهم أخيرا عادوا إلى حيهم لعدم رغبتهم في البقاء غربي مدينة غزة حيث يسيطر الجوع والعطش مع عدم توفر خدمات باستثناء قليل من الخدمات الطبية المقدمة في مستشفى واحد فقط ويشير حلس إلى أن القصف بدأ بشدة على مناطق كثيرة قريبة منا فرحنا نجري إنما من دون طاقة فنحن جياع لم نكن نعرف إلى أين نتوجه فسارعنا إلى المنطقة الغربية في اتجاه شارع صلاح الدين هناك تجمعت عائلات بأكملها وسط البكاء والنحيب الأطفال كانوا مرعوبين وقد راح أطفال يبكون لأن آباءهم لم يلاقوهم بعد علما أن من بين هؤلاء أشخاصا طاولهم القصف وهم يجمعون حاجيات لهم من منازلهم ويؤكد حلس أن ثمة عائلات عادت إلى حي الشجاعية بسبب الجوع وراح أفرادها يبحثون عن أي طعام ممكن في المنازل المدمرة وبين الأنقاض كذلك عادت عائلات أخرى هربا من تكدس الناس في غرب مدينة غزة يضيف ونحن كذلك متعلقون بالحي على الرغم من الدمار والمجازر التي لم توفرنا في الحروب السابقة على غزة مشيرا أن المنازل كلها إما مدمرة كليا وإما جزئيا ومن ثم تأتي عودتنا إلى هذا الحي بسبب ارتباطنا بترابه فيما الاحتلال يصر على ملاحقتنا بالقتل والتهجير يذكر أن أسلوب الهجوم المفاجئ نفسه الذي اعتمدته قوات الاحتلال على مخيم جباليا شمال شرقي مدينة غزة في مايو أيار الماضي نفذته في استهدافها حي الشجاعية أخيرا ويعد حي الشجاعية من أكثر الأحياء الكبرى في مدينة غزة التي تعرضت لتدمير كبير وفي سياق متصل أعلن جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة أن طواقمه غير قادرة على التعامل مع العدد الهائل من الاستهدافات وسط نفاد الوقود واعتماد عناصر منهم على قدراتهم البدنية في الوصول إلى مواقع الاستهداف ومحاولة إنقاذ الجرحى وإخراجهم منها على نقالات يذكر أن طواقم الدفاع المدني لم تتمكن من الوصول إلى عدد من الشهداء والجرحى في حي الشجاعية أخيرا وتلاحق المأساة أهالي مدينة غزة أينما وجدوا كذلك في المستشفى الوحيد الذي ما زال في الخدمة المستشفى المعمداني المستشفى الأهلي العربي التي يستقبل أعدادا كبيرة من الجرحى ولا يستطيع استيعاب أعداد الشهداء يذكر أن مجزرة رهيبة ارتكبت في هذا المستشفى في بدايات الحرب على غزة تحديدا في 17 أكتوبر تشرين الأول 2023 واليوم يعالج جرحى فيه على الأرض بحسب ما يقول الفلسطيني عمر أبو بيض البالغ من العمر 28 عاما وكان أبو بيض قد نقل شقيقه تامر البالغ من العمر 20 عاما من حي الشجاعية إلى هذا المستشفى وذلك على عربة يجرها حمار مع عدد من المصابين وعندما وصلوا إلى المستشفى المعمداني كانت الطواقم الطبية قد وضعت الأطفال وكبار السن والنساء أولوية لها وسريعا امتلأت الأسرة فيما الدماء تغطي أرض ممرات المستشفى الذي يستقبل الحالات الطارئة في غياب الخيارات الأخرى في مدينة غزة وبحسب أبو بيض فإن المستشفى المعمداني قريب من شارع عمر المختار الذي يطل على شارع صلاح الدين إلى الغرب من حي الشجاعية ويخبر أبو بيض العربي الجديد أن عددا من سكان منطقة التركمان في حي الشجاعية كانوا في شارع صغير عندما استهدفتهم طائرة إسرائيلية مباشرة من بينهم أفراد عائلتي حسنين وحبيب الذين يقدرون بالعشرات يضيف أبو بيض أنهم لم يروا سوى دخان يتصاعد ولم يخرج أي من أفراد العائلتين من الشارع وحتى كتابة هذا التقرير لم يكن مصيرهم قد عرف بعد هل هم أحياء أم شهداء ويتابع أنه في طريق نزوحه عثر على شقيقه بين الجرحى في الشارع ويوضح أبو بيض أن طائرات الاستطلاع الإسرائيلية كانت تراقب أدق تحركاتنا قبل ذلك الهجوم وكان الناس يفترشون الأرض وسط الركام وقد استخدموا قطعا من القماش لعلها تقيهم من أشعة الشمس هم كانوا يريدون البقاء في الحي فقط وهم لا يشكلون أي خطر ومن ثم لا مبرر لارتكاب مجازر بحقهم كأنما لاغتيال الشهداء الآخرين الذين سقطوا طوال أيام العدوان تبريرات ويتذكر أبو بيض المشاهد الأخيرة قبل الهجوم كنا فيها نبحث عن مياه وغذاء إذ لم نعد قادرين على تحمل الجوع ويكمل أبو بيض أن ما يزيدني حزنا أن عددا من الشهداء الذين نقلوا إلى المستشفى المعمداني كانوا قد فارقوا الحياة وهم جائعون وعطشون وكان من بين هؤلاء شبان رافقوني مع مجموعة إلى سوق الزاوية ومناطق في غرب مدينة غزة يوميا للبحث عن الطعام ويتحدث عن أحدهم قال لي إنه لم يتناول أي طعام منذ ثلاثة أيام ويؤكد أن حي الشجاعية في هذه الحرب تعرض لإبادة ومسح بالكامل من الاحتلال وتحاصر قوات الاحتلال الإسرائيلي عددا من المنازل في المنطقة الشرقية التركمان من حي الشجاعية فيما سكانها في داخلها بحسب ما أفاد أشخاص وصلوا إلى المستشفى المعمداني ويقول فؤاد المغني من سكان الحي إن العائلات ما زالت تنزح حتى اليوم بعد المجزرة الإسرائيلية الأخيرة والمغني البالغ من العمر 56 عاما من أعضاء اللجنة الاجتماعية العشائرية التي أنشأها عدد من مخاتير غزة والتي كانت تساهم في توزيع المساعدات على سكان حي الشجاعية في الأشهر الماضية لكنه يشير لـالعربي الجديد إلى أنه منذ أكثر من شهر لم نعد نأتي بأي عمل تطوعي إذ إن المساعدات لم تعد تدخل بانتظام وقد نزح المغني مع عدد من أفراد عائلته بعد تدمير ما تبقى من منازلها ويؤكد أنه من العائلات التي كانت تقيم في منازلها المدمرة جزئيا وبعد الهجوم الأخير ما زال المغني في المستشفى المعمداني ولا يعرف إلى أين ينزح من جديد ويوضح لم يتبق شيء في حي الشجاعية المنازل المدمرة تمثل على الأقل 90 من منازل الحي فيما القتل متواصل والجوع والعطش ويلفت إلى أن حي الشجاعية كان قد تعرض إلى مجزرة كبرى في عام 2014 لكنه في خلال العدوان الحي تعرض لمسح كامل فالمباني دمرت وقتل من فيها مشددا أن الاحتلال يريد قتل أهالي حي الشجاعية مثلما فعل سابقا