الشتيمة ليست شعارا فلسطينيا وحدويا
43 مشاهدة
تستنجد غزة فيما يسقط أطفالها من أسطح البنايات المحترقة من الصواريخ التي تمطر موتا عليها والضفة الغربية والقدس يتم اقتطاعهما وترهيب أهلهما يجتمع المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية لنسمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس يشتم حركة حماس وسط تصفيق الموجودين ثم يصدر بيان ختامي يدعو إلى حوار وطني واسع كيف يمكن أن يجتمع الأمران خصوصا أن الدعوة إلى الحوار يرافقها أمر لـحماس بتسليم قطاع غزة إلى السلطة لست معنية بحكم الحركة غزة ولم أؤيد يوما استئثارها بالسلطة في غزة عام 2007 لكن المسألة هنا هي إنقاذ غزة والضفة والقدس وقضية فلسطين إذ يحق لأي فلسطيني نقد حماس ويحق لأهل غزة أن يصرخوا ويشتمونا جميعا ولكن لا يحق للرئيس محمود عباس الذي لا يستطيع حماية الضفة الغربية والقدس من جنود الاحتلال أن يشتم أي حركة مقاومة فلسطينية خاصة وهي مستهدفة من أميركا والغرب وإسرائيل معا إذا كانت الحرب على أهل غزة فلا مكان للشتيمة بل هي لحظة تتطلب التعاضد لإنقاذ غزة والجميع بمن فيهم السلطة وحماس مطالب بتحمل مسؤولياته فمهادنة إسرائيل في الضفة لم تنج مخيمات جنين وبلاطة ونور شمس من تهديمها وتهجير أهلها كان يمكن أن يكون خطاب عباس في افتتاح أعمال المجلس المركزي مهما لما احتوى من أرقام مهولة لضحايا الشعب الفلسطيني في غزة لكن المنافسة على سلطة وهمية ومحاولة مهادنة المطالب الأميركية اعتقادا بأن ذلك ينقذ السلطة والشعب الفلسطيني إغراق في خداع النفس لا يحق للرئيس محمود عباس الذي لا يستطيع حماية الضفة الغربية والقدس من جنود الاحتلال أن يشتم أي حركة مقاومة فلسطينية شتم عباس في خطابه الأميركيين أيضا ولا أريد هنا التشكيك بصدق غضبه لكن الأولوية توحيد الشعب الفلسطيني وليس تفريقه وأكيد ليس استبعاد من لا يعجب أبو مازن من الشخصيات من المجليس المركزي أو أي مؤسسة فلسطينية فهي ليست ملكيته الخاصة ولا مسجلة باسمه أو باسم عائلته ولكن الهدف لم يكن فتح حوار وطني وإنما استحداث منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وهو ليس موقعا مستحدثا تماما بل شغله فترة وجيزة أحد أهم رجالات القانون إبراهيم بكر بين 1969 1971 وكان إشغال الموقع في ذلك الوقت قرارا فلسطينيا لا علاقة له بتدخل وشروط أميركية ويبدو أن واشنطن تعتبر أمين سر اللجنة التنفيذية للمنظمة حسين الشيخ مقبولا لديها لأنها تريد إعادة هيكلة السلطة الفلسطينية على مقاسات جديدة تناسب مرحلة فرض الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة وهنا يخطئ الرئيس الفلسطيني ومن حوله في الظن أن ما تنادي به واشنطن سيوصل السلطة إلى غزة فالرؤية الأميركية لغزة وهناك أكثر من مقترح أن تكون السيطرة التامة لإسرائيل فيما تقوم إدارة فلسطينية أو عربية لتسيير الأمور بدون معارضة لما تريده إسرائيل أو لخطط الرئيس دونالد ترامب بجعل القطاع مشروعا عقاريا رابحا ومربحا لشلته من أثرياء العالم ولكن قصر الرؤية التي جعلت السلطة تهدم منظمة التحرير وتعود إلى إحياء مؤسساتها لساعات كل فترة لتحقيق أهداف ومصالح ضيقة لا تجعلها قادرة على تقديم نموذج يوحد الشعب الفلسطيني ويتحدى المحاولات الأميركية الإقليمية الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية وهنا لا بد من الاعتراف بأنه ليس لدى أهل غزة ترف التفكير في سلطة وطنية حقيقية على أرضها أو أي نموذج لأنهم وهم محقون يريدون نهاية للعذاب المستمر فإذا كانت بعودة السلطة فلا يهمهم سوى وقف الكابوس الذي لا ينتهي وليس لديهم ترف التفكير بمن أفضل أو لديه رؤية لذا سمعنا وقرأنا لأصوات من غزة وصل بها الأمر أن تؤيد شتيمة أبو مازن حماس التي أتبعها بما يشبه الأمر بإطلاق الرهائن لدى المقاومة في غزة خاصة الأميركي الإسرائيلي فورا لوقف شلال الدم وهم معذورون ولا يحق لنا مجرد التعليق على كلامهم ولكن لا يحق لسياسي ورئيس الاعتقاد أن الشتيمة هي التي ستنقذ غزة وهو يعرف أنه حتى إطلاق الرهائن وتسليم حركة حماس سلاحها لا يضمن وقف الحرب إذا استماتت السلطة بتحقيق المطالب الأميركية تحت بند إصلاح فستفهم شتيمة أبو مازن بأنها التبرؤ ليس من حماس فحسب إنما من كل عمل مقاوم أيضا مفهوم أن إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين بدءا من الأميركي قد يسهل مهمة الوسطاء لكن مهمة السلطة الفلسطينية هي الإصرار على دور وطني مشترك لاتخاذ قرارات وطنية وليس مجرد محاولات لاستدامة حكم شخوص السلطة فالرضوخ للمطالب الإسرائيلية قد لا يوقف الحرب والموقف الفلسطيني الضعيف والتشرذم يغري دولا عربية لتنفيذ الرؤية الأميركية للاستمرار بإمعانها في سحق الفلسطينيين من يتواطأ مع الإدارة الأميركية لا يفرق بين أسرى حركتي حماس وفتح في السجون الإسرائيلية فجميعهم إرهابيون والقضية ما هي إلا عثرة يجب التخلص منها فما يحدث على الساحة الفلسطينية من توسيع الشق الداخلي وتفتيت الفلسطينيين لا يسهم إلا بتسهيل عملية إنهاء الحقوق الفلسطينية وما شهدناه من مهزلة في المجلس المركزي لا يشي بالخير لذا لم تفهم القيادة معنى مقاطعة تنظيمات فلسطينية عدة أو انسحابها مع أن رسالتها كانت واضحة أنها ترفض أن تكون شاهد زور لجلسة هدفها تدميري يريد محمود عباس من اختيار نائب له أن يثبت لواشنطن أن السلطة تقوم بالإصلاحات المطلوبة منها لكن ما يعنيه الأميركيون بالإصلاح تأمين خلافة سلسة وسلمية لعباس تشترط تعيين وجوه مقبولة أميركيا وسبقها تهميش وتكبيل لكل المنافسين المغضوب عليهم إسرائيليا وأميركيا كما المطلوب تنفيذه في يونيو حزيران المقبل ترتيب بموجبه يستلم أهالي الأسرى رواتب وفقا لحاجتهم وتقاس بعدد سنوات الأسر في المعتقلات الإسرائيلية بعدما مهدت السلطة لذلك بتحويل رواتب عائلات الأسرى والشهداء إلى دائرة تعنى بالشؤون الاجتماعية بعيدا عن دائرة الأسرى والمقصود سلب الصفة النضالية الوطنية من الشهداء والأسرى لأن أميركا وإسرائيل تعتبران النضال إجراما محظور مكافأته أي استئصال ثقافة المقاومة وفكرتها من عقول الفلسطينيين وقلوبهم وإذا استماتت السلطة بتحقيق المطالب الأميركية تحت بند إصلاح فستفهم شتيمة أبو مازن بأنها التبرؤ ليس من حماس فحسب إنما من كل عمل مقاوم أيضا المستهدف ليس حماس فحسب إنما الشعب الفلسطيني كله وهذا ما يجب أن يتذكره أبو مازن فليس هناك فلسطيني مقبول لإسرائيل يدعو بيان المجلس المركزي إلى المقاومة الشعبية اللاعنفية لكن هذه الدعوة فارغة وتبرير لرفض الفعل المقاوم إذا لم يكن هناك دعم فعلي لتأسيس حركة المقاومة الشعبية أو حتى السماح بفكرة لا تقال جزافا بل تحتاج لرؤية لا تستطيع وضعها سلطة مسكونة بهاجس المنافسة وتعتقد أن الجميع يريدون الجلوس مكانها قد ينطبق هذا على بعضهم لكن المقاومة هي مقاومة واستمرار تهميش الثوريين حتى من أفراد حركة فتح والمستقلين لن يسمح لها بالظهور أو النمو بل هي ضرب من الكذب والتهريج اللفظي لا أكثر لا يتم إصلاح الوضع الفلسطيني بتعميق الشرخ والمهاترات ولا يحتمل أيضا أي حسابات لقيادة حماس غير مصلحة الشعب الفلسطيني فلا إنكار لشجاعة المقاومة وأدائها فيما وقف العرب متفرجين وهناك قسوة من أيدوا المقاومة في أوجها وذموها في ضعفها ولا أقصد هنا أهل غزة وحماس لا تملك رفاهية التفكير بها إنما بأهل غزة أولا لكن يجب دعم أي قرار صعب بدل محاولة رميها فالمستهدف ليس حماس فحسب إنما الشعب الفلسطيني كله وهذا ما يجب أن يتذكره أبو مازن فليس هناك فلسطيني مقبول لإسرائيل