كتيار قوي من الإلهام أحدثت حركة المرأة الحياة الحرية تغييرا عميقا في نسيج المجتمع الإيراني وتشبع الفن والثقافة خاصة السينما الإيرانية بجوهرها النابض بالحياة في هذا النشاط الإبداعي يقول المخرج الإيراني نادر تكميل همايون مدير مهرجان سينما ـ سينمات إيران الذي تنظمه سنويا في باريس جمعية تحمل الاسم نفسه تظهر السينما انعكاسا مؤثرا لهذه الثورة المجتمعية في مواضيع جريئة فضلا عن رؤية مؤثرة تتخلل الأفلام التي تكشف عن إرادة لا تتزعزع لتغيير المعايير المعمول بها فكل حوار مليء بالتمرد على النظام لكن يبدو أن هذه الحركة تركت أثرها كذلك على كمية الإنتاج السينمائي فردا على سؤال عن سبب اختصار مدة دورته الـ11 5 ـ 11 يونيو حزيران 2024 وعدد أفلامها قال همايون إن الفترة تعاني مخاضا وهناك تساؤلات حول نوعية ما ينتج من أفلام في السينما الإيرانية وكيفيته ولا سيما بشأن قضية الحجاب هذا يلاحظ فالدورة الأخيرة المهداة إلى المخرج الراحل داريوش مهرجوي 1939 ـ 2024 قدمت فيلمه الأخير لا مينور 2022 فقط سبب ذلك بحسب همايون صعوبة جمع أفلامه في هذه المرحلة تحديدا الشاهدة على تحولات تحت السطح وفوقه لا أحد يمكنه معرفة ما سينتج منها اعتمدت الدورة أكثر على أفلام وثائقية قصيرة وطويلة 7 وروائية قصيرة 7 وروائية طويلة 6 اثنان منها إنتاج 2022 فما الذي عكسته الأفلام وبعضها مصور بعد مقتل مهسا أميني 16 سبتمبر أيلول 2022 وصعود الحركة أهمية كن سعيدا وثائقي 2024 للإيرانية الفرنسية هيلين راست كار المصور في فرنسا تكمن في تقديم نظرة معارض غادر إيران منذ زمن طويل وأفكار ابنة لم تضع قدما في إيران تسأل المخرجة والدها كيف تبدو إيران الآن ماذا لو ذهبت إلى هناك أعاد التاريخ العام توزيع التاريخ الشخصي وخلق عقدا وفجوات ترى الشابة أن الذهاب إلى إيران سيكون عودة إلى الأب الغائب من حياتها يعمل في مدينة فرنسية أخرى لكن هل ستستطيع العودة إلى بلد غادره الأب الشيوعي في عهد الشاه وعاد إليه مع الثورة التي خذلته كما خذلت الشيوعيين أمثاله يبدي الفيلم تعلق الفتاة بأبيها رغم عتبها عليه واحتفاظها في ذاكرة قلبها كما تقول صدى أبيات قصيدة فارسية علمها إياها لا شيء يبقى كل شيء يمر كل شيء يتغير فعش سعيدا في الفيلم قضايا عدة مشوقة ومثيرة للاهتمام الهوية والعلاقة مع الأب والأصول والنظرة الثابتة والأفكار المسبقة تم ذلك بأسلوب إخراجي ما زال يبحث عن هويته أيضا وأبرز ما يعنيه انقطاع عن بلد وما يحفظه الذهن من صور لم تعد تعبر عن حاضر صور مأخوذة من الأخبار ومن أيام بعيدة جدا وأوهام كثيرة ومبالغات عن بلد تحيله إلى بعبع خروج غير آمن للفتيات لا يوجد إلا الفتاوى إلخ تعيق نظرة موضوعية إلى جيل جديد الفتاة خشيت في النهاية الذهاب رغم حصولها على جواز سفر إيراني يعنى الروائي كعب آخيل 2023 لفرهاد دلمار بمعاناة فردين من نظام متسلط يدفع بمعارضة إلى السجن وبسينمائي إلى التخلي والانعزال لما يلمسه في المجتمع من خطايا وظلمات السيناريو دلمار نفسه مستوحى من معاناة شخصية إذ شعر هو نفسه باللاجدوى وقرر يوما التوقف عن عمل السينما كبطله في فيلم يسرد ملامح من مصادفات حياتية وسجناء سياسيين يخضعون لعملية غسل دماغ لإقناعهم بجنونهم ولجنة أمهات فقدن أبناءهن وأم تحارب منذ أكثر من عقدين لاسترداد جسد ولدها هذا كله جعله يشعر بالجبن لتخليه عن كل شيء ودفعه إلى الكتابة مجددا ركز الفيلم على صدمات جماعية ناتجة من التسلط أكثر ما عبر عن ذلك مشهد جميل لـبحيرة أرومية المصورة في لقطة علوية إنها جافة فبدت جرحا في جسد مريض سؤال يطرح عن كيفية الحصول على تصريح بتصوير سيناريو كهذا ينتقد بحدة أحوال مجتمع وسلطة فالفيلم مصور في ديكور طبيعي وفي مسافات كبيرة في هذه الحالة كما يجري العرف اليوم في إيران يقدم مخرج نصا لا علاقة له بالحقيقي للحصول على موافقة قرر دلمار إظهار الممثلات بحجاب فليس هدفه كسر الحواجز كما يقول ورغم أن أمورا كثيرة تغيرت بعد مقتل أميني يضع نفسه مكان الممثلة وما يواجهها من مضايقات بعد عرض كعب آخيل في مهرجانين عالميين عام 2023 تورنتو وسان سيباستيان شعر دلمار بتهديد وقرر عدم العودة إلى إيران حاليا والبقاء في باريس لتحضير مشروع يعيد سبب الموت مجهول 2023 لعلي زرنكار إلى السينما الإيرانية تقليدية بشخصيات عدة في استعارة للمجتمع الإيراني بفئاته وأساليب تعامل تفرض حذرا وكذبا وتلاعبا حين يموت راكب في سيارة نقل جماعي على طريق صحراوية يحاول الركاب الآخرون اكتشاف هويته في البحث عن أوراقه يكتشفون مالا كثيرا بعد مداولات وتحولات في وجهات النظر والمواقف يبرز الإنسان في حقيقته المزرية والمجتمع في واقعه البائس اقتصاديا على الأقل يقررون تقاسم الغنائم ودفن الجثة يكشف الفيلم أحوال مجتمع على الهاوية لما يعانيه من مشكلات اقتصادية وأخلاقية في أسلوب مشوق يعتمد تناوبا بين مكان محصور السيارة مع لقطات مقربة جدا وآخر مفتوح على المدى طريق صحراوية في لقطات واسعة تبدي مدى صغر الفرد وعجزه كذلك يعيد حامد رجبي إلى الذاكرة أفلاما فكرية كهذه صنعتها السينما الإيرانية أوائل القرن الحالي تدور أحداثها في مكان مغلق مع شخصيات محدودة وتنشغل في نحو ساعتين في نقاش ومداولات عن مفهوم معين ووجهات نظر كل شخصية نوع لا يختفي من السينما الإيرانية ربما يقل لكنه يظهر مجددا دائما في خواطر أو يوميات سجين 2023 فيلمه الثاني مضمون مهم وذكي لكن هذا لا يكفي لجعله ممتعا فبتعامله مع قضية مثقلة بالمعاني على الإخراج التحلي بشيء من خفة ودعابة لجعله جاذبا هناك مواجهة بين الفرد والمجتمع يقيم أب متقاعد وابنه الشاب معا وهما على خلاف دائم الأب المعتاد على إحضار فتيات للمتعة بين وقت وآخر يلتقي شابة غريبة تقرر البقاء في البيت رغما عنهما يشعران بميل إليها وفي الوقت نفسه يظنان أنها تحاول الاستيلاء على ملكيتهما فيحاولان وضع عوائق أمامها كل شيء يتغير مع تدخلها في أسلوب عيشهما وتفكيرهما فتدفعهما إلى فهم جديد للحياة والشك في قيمهما وقناعاتهما وسلوكهما بعد يقين عميق لكل منهما والبيت المتصدع والمليء بالشقوق يشكل شخصية لها هوية خاصة تندرج في إطار الرموز التي يمتلئ بها الفيلم وهذا يميل إليه مخرجون إيرانيون عديدون هذه قصة تغلغل أجنبي خارجي أو داخلي في حياة خاصة والسيطرة عليها وجهد في استعادتها هذا معنى يعطيه التدخل وتضامن يفرضه ألا يذكر كل ذلك بمجتمع ما