السويداء تعري نظام الأسد إسقاط ورقة الأقليات

17 مشاهدة
لأول مرة منذ العام 2015 تحوز احتجاجات السويداء في الجنوب السوري هذا الزخم الزمني والبشري ما جعلها تبدو تحديا غير مسبوق للنظام السوري ذلك أن معارضة الأقلية الدرزية التي شكلت وفق بعض المصادر 3 من مجموع السوريين قبل العام 2011 تمثل انقلابا على تكتيكات النظام في قمع انتفاضة السوريين طوال أكثر من 12 عاما حمل خلالها خطاب تخويف موجه للأقليات مفاده أن خطرا وجوديا قد يحدق بها في حال خسر النظام السلطة حفاظا على ورقة حماية الأقليات وعبر دبلوماسية الاحتواء حذرا يتعامل النظام مع حراك المحافظة على النقيض من ذلك قمع النظام انتفاضات مدن سورية في طول البلاد وعرضها منذ العام 2011 ولم يتردد اليوم في إطلاق قبضته الأمنية في احتجاجات تزامنت مع الحراك الأخير في السويداء من ذلك أن عناصر أمن النظام أطلقت النار على متظاهرين في محافظتي درعا وحلب وانتشرت في حمص بعد أنباء عن تظاهرة سوف تخرج من أحد مساجد المدينة كما اعتقلت ناشطين علويين ارتفعت أصواتهم ضد رأس النظام كان بعضهم من أشد الموالين له ورغم جهود النظام المكثفة لإقناع متظاهري المحافظة بوقف الاحتجاجات يبدو أن الخيار الأمني لا يزال مطروحا على طاولة النظام في حال تعذرت مساعيه الدبلوماسية وكان إطلاق كتائب البعث النار على متظاهرين أمام واحد من مقار حزب البعث في المحافظة إشارة واضحة إلى ما في جعبة النظام من حلول أمنية تحررت السويداء جزئيا من قبضة النظام وأجهزته ويدفع فعلها الاحتجاجي نحو المزيد من ذلك وفي مواجهة إشاعات يروجها النظام تصف حراكهم بــالانفصالي يؤكد المحتجون أنهم جزء من هذا الكل السوري ومع دخول الاحتجاجات شهرها الثاني تفرض تساؤلات الربح والخسارة نفسها على المشهد السوري لا سيما في مواجهة نظام لم يتردد في قمع انتفاضات السوريين السلمية قبل المسلحة بالحديد والنار وبقي من دون مساءلة أو محاسبة فإلى أين يتجه الحراك وهل تسقط المحافظة ورقة حماية الأقليات من يد الأسد ونظامه وما هي سبل تحول الحراك إلى ثورة الكل السوري أقليات دينية أم سياسية عبر تاريخ حكمه وظف نظام البعث في سورية ورقة حماية الأقليات لإحكام قبضته على الشارع السوري ما مهد لأن تسلك أقليات عرقية وإثنية سلوك جماعات سياسية فبدت المواطنة نوعا من محاصصة على الدولة وبلغ ذلك ذروته إبان ثورة السوريين العام 2011 وتطوراتها اللاحقة شعبو صعود حركات الإسلام السياسي بأنواعها في تصوراتها غير الوطنية أعطت النظام سلاح حماية الأقليات وغذت لدى الأقليات وهما بأن النظام يحميها الطبيب والكاتب السوري راتب شعبو يقول لـالعربي الجديد إنه في الصراع السوري الدائر من أكثر من عقد شهدنا مستوى عاليا من التطابق بين الجماعة المذهبية والموقف السياسي وهو ما يوحي بتحول الأقليات الدينية إلى أقليات سياسية لكن هذه لحظة سياسية عابرة كما نرجو ما لم تتكرس بأحزاب وتشكيلات سياسية طائفية على الشاكلة اللبنانية ويسلط شعبو الضوء على أحد أسباب نجاح النظام في توظيف ورقة حماية الأقليات فيرى أن صعود حركات الإسلام السياسي بأنواعها في تصوراتها غير الوطنية أعطت النظام سلاح حماية الأقليات وغذت لدى الأقليات وهما بأن النظام يحميها وهو ما دفع الأقليات إلى حماية النظام هذه حلقة شريرة في تاريخ سورية المعاصر مبينا أن هذه الورقة تسقط من يد النظام حين تتبلور في المجال السياسي السوري قوة وطنية قادرة على تهميش فاعلية الإسلاميين السوريين سقط وهم حماية الأقليات في السويداء في عام 2018 مع هجوم تنظيم داعش وارتكابه المجازر ضد قرى الريف الشرقي في محافظة السويداء كما أن الدولة الحامية من خلال أجهزتها كالشرطة والجيش تخلت عن كل مسؤولياتها خلال السنوات الخمس الأخيرة وتركت الناس فريسة عصابات القتل والخطف وتجار المخدرات وفق ما تراه الكاتبة والناشطة النسوية والمعتقلة السابقة في سجون النظام وجدان ناصيف وفي حديثها لـالعربي الجديد توضح ناصيف ابنة السويداء والمقيمة في فرنسا أنه من المبكر القول إن النظام أسقط من يده ورقة حماية الأقليات وهي ورقة يرفعها في وجه الغرب الذي يقدم نفسه حاميا للأقليات وحتى اليوم لم نشهد ردة فعل واضحة لهذا الغرب لكن يمكن القول إن الأقلية الدرزية في سورية أسقطت النظام في ساحات السويداء ما يعني أنهم هم الذين تخلوا عن حمايته بعد أن أيقنوا أن حمايته لهم مجرد وهم رئيس التجمع الوطني الشعبي المدني في سورية وأمين سر المنظمة العربية لحقوق الإنسان عثمان العيسمي يؤكد من السويداء لـالعربي الجديد قضية المواطنة بوصفها الركيزة الأساسية في بناء الدولة القوية لكن النظام على النقيض من ذلك حاول الاستفادة من ورقة حماية الأقليات وتحويلها من أقليات عرقية ودينية إلى أقليات سياسية تخدم مصالحه فقط من دون النظر إلى قضية المواطنة الكاملة واعتبر العيسمي أن ما جرى في السويداء هو نتيجة ارتفاع الشعور الجمعي والوعي الجماهيري إلى أقصى الحدود بفقدان تلك المواطنة ومقومات بناء الدولة السورية ككل وعلى مستوى الوطن سورية وليس ناتجا عن تفكير بالانفصال عن الدولة السورية كما تدعي أبواق السلطة ناصيف الأقلية الدرزية في سورية أسقطت النظام في ساحات السويداء مما يعني أنهم هم الذين تخلوا عن حمايته بعد أن أيقنوا أن حمايته لهم مجرد وهم خطاب عابر للطوائف تاريخيا يبدو جبل العرب محافظة السويداء واقعا في تناقض وصفه البعض بـالتكويني فرغم حضوره في قلب الأحداث السورية المركزية بردود أفعال عابرة للطوائف حافظ في الوقت نفسه على استقلاليته وخصوصيته وهو أشد ارتباطا بتراثه المحلي عززت ذلك محطات من عدم ثقة متبادلة مع الحكومات المركزية التي سيطرت في دمشق اليوم يبرز سؤال حول قدرة الجبل على تشكيل خطاب مركزي عابر للطوائف في وقت تبدو فيه الوطنية السورية منهكة لا سيما بعد أكثر من عقد على قبضة أمنية دموية وتحول السلطة طرفا في حرب أهلية العيسمي حاول النظام الاستفادة من ورقة حماية الأقليات وتحويلها من أقليات عرقية ودينية إلى أقليات سياسية تخدم مصالحه فقط من دون النظر إلى قضية المواطنة الكاملة يجد العيسمي في احتجاجات السويداء إمكانية لـإطلاق خطاب مركزي عابر للطوائف ظهر ذلك برأيه من الشعارات المرفوعة خلال الحراك الشعبي ومن خلال بيانات وتصريحات القوى الوطنية ومن خلال الرئاسة الروحية والهيئة الدينية وقادة الحراك الشعبي والتي وحدتها المطالبة بتطبيق القرارات الأممية خاصة القرار الدولي 2254 واعتبار القرار المذكور بداية للحل السياسي الشامل في سورية وينص القرار 2254 الذي يرفعه المحتجون في السويداء على دعم عملية سياسية بإشراف أممي من أجل إنشاء حكم ذي مصداقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية من جهته يذهب راتب شعبو إلى أن المبادئ التي تقوم عليها انتفاضة السويداء هي مبادئ وطنية قابلة لأن تكون ركيزة خطاب سوري عابر للطوائف لكنه يستدرك السويداء وحدها لا تستطيع حمل هذه الركيزة حتى مع افتراض تضامن كل الأقليات وتوحدها على هذه المبادئ ولا سيما في ظل انعدام الثقة العميق مع المتن الأساسي للجماعة الوطنية السورية أقصد المسلمين السنة ويعلل ذلك بأن الظروف التي قادت إلى احتلال التيارات الإسلامية موقع الصدارة والسلطة على الضفة المواجهة لنظام الأسد أضعفت الوطنية السورية التي يصعب أن نتخيل صعودها ما لم تنهض بها البيئة الاجتماعية نفسها التي تسيطر عليها اليوم التيارات الإسلامية لا يبدو أن المستقبل القريب يحمل مثل هذا النهوض أما وجدان ناصيف فتعتقد أن الانقسام أصبح واقعا إداريا وجغرافيا من خلال اقتسام سورية بين قوى سيطرة أمر واقع تتبع أجندات خارجية لا وطنية لا يستطيع أي تكوين سوري منطقة أو طائفة أو تشكيل أو أي كان أن يشكل اليوم منفردا خطابا مركزيا عابرا للمناطق وللطوائف مؤكدة أن إعادة تشكيل سورية الوطن هي عملية تشاركية بين الجميع تبدأ بالانتقال السياسي الذي يجب أن يكون خطوة باتجاه إنهاء عهد الاستبداد وتضيف الخطاب العاطفي حول أهمية استعادة الوطن من قبل السوريات والسوريين لا يوصلنا إلا إلى الندب والبكاء على الأقل هو غير كاف المهم أن يصل الجميع إلى قناعة بأن التقسيم الحالي وحالة الاستنقاع لا يمكن البناء عليها وليست فيها مصلحة لأحد وتشكيل خطاب وطني عابر للطوائف يمكن أن تبادر به فئة أو طائفة بعينها لكن لا يمكن أن يخرج من حالة الخطاب إلى حالة الفعل إلا بإجماع كل السوريين والسوريات على مصالحهم المشتركة وأهمها مصالحهم الاقتصادية ثورة الكل السوري مع اكتساب حراك السويداء زخما متصاعدا يجرى الحديث عن مساع لتشكيل هيئة سياسية مدنية في المحافظة على أن ينبثق عنها مؤتمر سياسي يعقد في السويداء يقدم للمجتمع الدولي رؤية سياسية لمستقبل سورية وإعادة بناء الدولة فاعلية الهيكل التمثيلي يراها راتب شعبو تتوقف بالدرجة الأولى على وزن ما يمثله على الأرض منبها إلى أن اقتصار الحركة على السويداء يقلل من أهمية الهيئة السياسية التي يمكن وينبغي أن تتشكل على أن تكون ذات بعد سوري ويؤكد أن الحراك في السويداء يستحق كل التقدير وكل الدعم لكن المشكلة في نظره هي في انكفاء الشارع السوري عن التضامن المباشر مع السويداء كما كان الحال في 2011 مع درعا يراهن النظام على عامل الوقت والمماطلة لإنهاك الحراك وشق الصف وتتبلور أكثر فأكثر لدى السوريين قناعة مفادها إن لم تسفر احتجاجات السويداء عن برنامج بإجماع وطني فلن تمثل تحديا جديا للنظام ولن تكون ثورة لكل السوريين يجادل آخرون بأن التضامن مع السويداء وعدم تركها وحيدة في مواجهة النظام هما أقصر الطرق إن لم يكن أسهلها لخلق إجماع سياسي

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح