السودان مبادرة لإحياء أكبر أسواق الخرطوم بعد دمار الحرب
٤٠ مشاهدة
يجتهد تجار سودانيون لإعادة تشغيل سوق أم درمان أكبر أسواق الخرطوم بعد دمار كامل بسبب الحرب في البلاد ولسوق أم درمان الواقع في قلب المدينة تاريخ طويل من النشاط التجاري لقرنين من الزمان ضم فيهما مختلف أنواع التجارة مثل الأقمشة والملبوسات والأحذية والمفروشات والذهب والتحف والأواني المنزلية والأدوات الكهربائية والكتب والأدوات المدرسية والأعشاب الطبية وغيرها حيث يضم آلاف المحال التجارية بعضها احتفظ بطرازه المعماري القديم والآخر مصمم بحداثة وتطور المعمار أزمة أسواق الخرطوم يتوسط السوق اثنان من أبرز المعالم التاريخية في المدينة التاريخية هما مسجد أم درمان الكبير ومبنى البريد والبرق ويجاور السوق 12 حيا من أحياء أم درمان القديمة والمرتبط بعضها بأحداث تاريخية مهمة لا سيما حقبة الثورة المهدية 1885 1898 حيث اختيرت أم درمان عاصمة وطنية للسودان وللسوق قيمة اجتماعية حيث عمل فيه تجار من غالب ولايات السودان كما يعمل فيه تجار هنود وجنسيات أخرى كما ظهر فيه تنوع ديني حيث برز المسيحيون الأقباط مكونا تجاريا أساسيا داخل السوق وسبق أن عمل فيه في عقود ماضية اليهود والبوذيون ويرتاده السياح لشراء المنتجات المحلية واحتساء القهوة في المقاهي التاريخية أعنف المعارك تدمر أسواق العاصمة بعد اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الخامس عشر من إبريل نيسان من العام الماضي شهدت منطقة سوق أم درمان أعنف المعارك بين الطرفين استخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة ومع بدء الحرب حاول تجار عبثا نقل بضائعهم إلى مناطق آمنة ونجحت قلة منهم في ذلك بينما ترك معظمهم بضاعتهم في مكانها عرضة للنهب والدمار نهاية فبراير شباط الماضي انتهت المعارك في السوق وما حوله بنسبة كبيرة عقب سيطرة كاملة للجيش على مناطق واسعة من المدينة ليكتشف التجار الذين وصلوا إلى السوق حجم الكارثة التي حلت بهم حيث وجدوا المكان وقد تحول حطاما وركاما وتبين ذلك أكثر خلال جولة لـالعربي الجديد داخل السوق حيث بدت أكثر من 95 من المحال التجارية مفتوحة بالكامل وخالية تماما من أي شيء حتى الأثاثات ومحطمة بما فيها الخزن التي يودع التجار فيها أموالهم فضلا عن انهيار كامل لبعض المحلات فيما جاء نفر قليل من التجار لتفقد مواقعهم فأصابتهم الصدمة مما رأوا مبادرة لإعادة تأهيل السوق تقدر الحركة التجارية في السوق قبل الحرب بنحو مليون دولار يوميا وأثر توقفه على كل مدن السودان وعلى بلدان مجاورة للسودان مجموعة من تجار الأواني المنزلية وهم الأقدم في السوق حسب قولهم قرروا تبني مبادرة لإعادة تأهيل محالهم التي يزيد عددها عن الألف حتى يدشنوا نشاطهم التجاري ويشجعوا التجار في المجالات الأخرى على القيام بالشيء نفسه حتى يعود السوق لسيرته الأولى أحد التجار المبادرين محمد عبد الباري حسن الذي يمتلك محال تجارية تتبع لشركة ود المتمة للأواني المنزلية يقول لـالعربي الجديد إن شركته خسرت كل المخازن بالنهب وتقدر خسائرها بخمسمائة مليون جنيه مبينا أنهم في مبادرة نظافة وتأهيل سوق الأواني المنزلية والتي تضم أكثر من 1000 تاجر متخصصين في بيع الأواني المنزلية اتفقوا على الشروع في تنظيف وتأهيل منطقة سوق الأواني المنزلية استعدادا لإعادة تشغيله بعد أكثر من عام من التوقف والإغلاق بسبب الحرب وأشار إلى أنهم بدأوا أولا بإزالة الأنقاض والأجسام الغريبة والمتفجرة عبر مساعدة سلاح المهندسين الذي قام بتنظيف كل المنطقة كما أنهم يعملون على إعادة توصيل الكهرباء والمياه وتأمين السوق متوقعا اكتمال ذلك في أسابيع قليلة وأوضح حسن أنه لم يتم حتى الآن الحصر الدقيق لجملة خسائر التجار والتي تصل إلى ترليونات الجنيهات مبينا أن أملا كبيرا يحدوهم في إعادة السوق إلى عهده القديم حيوية ونشاطا تجاريا ضخما وحث كل تاجر على الحضور إلى السوق والوقوف على محله التجاري وصيانته مبينا أنهم يشعرون أن السوق هو قلب مدينة أم درمان النابض وإذا أعيد تحريكه تنشط كل الحياة في المدينة خاصة في أم درمان القديمة أما علي الحاج يملك محلا تجاريا امتلكه وعمل فيه 15 عاما فيؤكد لـالعربي الجديد أنه لم يتمكن حتى الآن من حصر خسائره جراء المعارك التي دارت داخل السوق وجراء النهب مشيرا إلى أن ارتفاع نسبة التضخم يفاقم الخسائر فإذا كانت الخسارة مثلا قبل سنة تساوي 60 مليون جنيه الدولار 1860 جنيها في السوق السوداء فاليوم تضاعفت ثلاث مرات نتيجة التضخم وتدني سعر الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية وقد تكون وصلت إلى 180 مليون جنيه ولا يبدي الحاج انزعاجا من أي خسارة مهما بلغت ما دام الإنسان سليما ومعافى والمال سيعوض على حد قوله وزاد الحاج أن كل التجار تضرروا والأمل في المبادرة التي طرحها تجار الأواني المنزلية لإعادة تأهيل محالهم بالتنسيق مع السلطات المحلية وبدأت بمرحلة توصيل الكهرباء والخطوة الحالية هي إزالة الأنقاض والمرحلة المقبلة توصيل المياه تليها مرحلة صيانة المحال التجارية وطالب السلطات بمساعدتهم في المستقبل بتنظيم الأسواق لأنه في الماضي كان التجار العاملون بطريقة رسمية يدفعون الضرائب وكل الرسوم المالية ورسوم الترخيص في وقت تسمح فيه السلطات للباعة المتجولين بالبيع أمام المحال مبينا أن كل الأسواق في العاصمة ليس فيها تنظيم لدرجة أن هناك خلايا أمنية تخفت داخلها واقترح بناء سوق أم درمان بطريقة رأسية ببنايات عالية ما يوجد مساحات ويزيل الازدحام السابق ليسهل السيطرة الأمنية على السوق مستقبلا أضرار سوق الذهب أحد أصحاب محال بيع الذهب بسوق أم درمان محمد عبد الرحيم يعقوب يقول لـالعربي الجديد من أمام حطام محله إن سوق الذهب هنا تعرض لأضرار بالغة مثل باقي المحال حيث لم ينج محل من الدمار أو النهب للذهب والأموال وتكسير الخزائن ولم يترك شيئا لهم مبينا أن بعض التجار وهو منهم تمكنوا من نقل كمية من ذهبهم من السوق إلى مناطق آمنة قبل اشتداد حدة المعارك العام الماضي لكن الغالبية متضررة ضررا بالغا وأضاف يعقوب لـالعربي الجديد أن التجار منهم من نزح من المدينة ومنهم من لجأ خارج السودان نتيجة الحرب واضطروا للعمل في مهن بديلة لتسيير حياتهم وحياة أسرتهم مشيرا إلى أن بإمكانهم رغم كل الظروف العودة إلى العمل متى توقفت الحرب وقضت الدولة على التمرد خصوصا أن الأوضاع باتت هادئة في الفترة الأخيرة وأصبح الإنسان آمنا على نفسه أما علي الحاج يملك محلا تجاريا امتلكه وعمل فيه 15 عاما فيؤكد لـالعربي الجديد أنه لم يتمكن حتى الآن من حصر خسائره يوضح التاجر عثمان محمد أنه يمتلك محلين تجاريين في السوق تم نهبهما بالكامل ومعهما سيارتان وأموال طائلة ولم يتبق له شيء فانضم إلى شريحة العطالة بلا عمل وبلا أي موارد حتى ملوا البقاء في المنازل فبادروا بفكرة إعادة تأهيل السوق مبينا أن المبادرة نابعة من تجار أصولهم من أم درمان ولديهم إحساس وطني ومبادئ وارتباط تاريخي ووجداني بهذا السوق الذي أسسه آباؤهم وأجدادهم وأكد في حديثه لـالعربي الجديد ثقتهم في الدولة لحسم التمرد أولا ومن ثم مساعدة التجار ودعمهم وتعويضهم عما لحق بهم من خسائر ومن جانبه قال التاجر مصطفي الفاتح لـالعربي الجديد تعرضت لخسائر أقلها نهب مخزن واحد يحتوي بضاعة تقدر بمائتي ألف دولار أما بعض زملائه التجار فتفوق خسائرهم خسارته بعدة أضعاف حسب الفاتح الذي أوضح أن أمله كبير لكي يعود إلى السوق تاجرا وأكد أنه حينما دخل قبل سنوات العمل لم يكن يمتلك شيئا وكل شيء حصل عليه سيرجع أيضا كما كان حسب قوله