عن السلطة والإعلام في تونس
على عكس ما كان سائداً في العشرية 2011- 2021 من اهتمام التونسيين بوسائل الإعلام المحلّية، ومتابعتها، والعيش على وقع برامجها، والعزوف النسبي عن نظيراتها العربية والأجنبية، حظيتْ حلقة برنامج الاتجاه المعاكس، في قناة الجزيرة (الثلاثاء 23 ديسمبر/ كانون الأول الجاري) باهتمام واسع ومتابعة كبيرة، من شرائح اجتماعية ونخب وسطى متعدّدة المشارب والاتجاهات الأيديولوجية والسياسية. حملت الحلقة عنوان تونس إلى أين، والتقى فيها وجهاً لوجه (من بُعد) معارض تونسي شابّ مقيم في الخارج، هو إلياس الشواشي (نجل الوزير والبرلماني السابق المعارض والسجين السياسي غازي الشواشي)، والداعية محمد الهنتاتي، الشديد الموالاة للرئيس قيس سعيّد، وأحد أكبر مناصريه وداعمي الانقلاب في عام 2021. سُمِع صدى الحلقة النقاشية في وسائل التواصل الاجتماعي بكثافة، وتحوّل النقاش والانقسام الحادّ، بل وحتى الحدّة اللفظية في الخطاب السياسي بين المعارضة والموالاة، من منبر شاشة الجزيرة إلى الفضاء العام الافتراضي؛ إذ صار كل طرف يدّعي النصر المبين والانتصار على خصمه بالحجّة والبرهان. إلى أن نُشر في وسائل الإعلام التونسية، بعد يوم من المبارزة التلفزيونية، بلاغٌ (بيان) إعلامي غير معتاد منسوب إلى رئاسة الجمهورية التونسية جاء فيه: أكّد مصدر مأذون أنه لا علاقة لرئاسة الجمهورية، ولا لأي جهة رسمية من الدولة التونسية بأي مشاركة أو حضور أو تمثيل في أي قناة أجنبية، وأن جميع أشكال التحايل أو الادّعاء، مهما كان مصدرها، مرفوضة ومفضوحة ومردودة على أصحابها.
تحوّل الإعلام التونسي إلى إعلام حكومي أحادي التوجّه وظيفته الدعاية لمنظومة الحكم وللرئيس سعيّد، وتفسير أقواله وبلاغاته
وعلى الرغم من أن المنافح عن الرئيس سعيّد، وعن مسار 25 يوليو (2021) برمّته، قد استمات في ردّ التهم الموجّهة من الوجه المعارض إلى الرئيس سعيّد وسلطته، فإن ما جاء في بلاغ ما سُمي بـالمصدر المأذون عن رئاسة الجمهورية التونسية، من تنصّل من مواقف أحد عتاة الموالاة، ووصفه بـالتحايل والادّعاء، يُعدُّ دليلاً قاطعاً على هزيمته في المناظرة التلفزيونية، واعترافاً رسمياً بتلك الهزيمة، وعدم قبول الرئيس وأجهزة الدولة القيادية بأدائه الإعلامي. وهو ما حوّل حملات المساندة الافتراضية من
ارسال الخبر الى: