السلام في أوكرانيا بارقة أمل خافتة في ظروف عالمية معقدة

٥٠ مشاهدة
مع اقتراب الحرب الروسية على أوكرانيا من إتمام عامين ونصف العام بعد اندلاعها في 24 فبرير شباط 2022 ووسط استمرار عجز الطرفين الروسي والأوكراني عن تحقيق اختراقات عسكرية استراتيجية في مختلف جبهات القتال في الأشهر الأخيرة وعلى خلفية تصاعد المخاوف من انزلاق روسيا وحلف شمال الأطلسي ناتو إلى صراع مباشر ازدادت الدعوات إلى السلام في أوكرانيا بين موسكو وكييف وبعد نحو شهر على عقد قمة في سويسرا من أجل السلام في أوكرانيا في يونيو حزيران الماضي قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الاثنين الماضي إن روسيا يجب أن تكون ممثلة في القمة الثانية التي لم يتم تحديد موعدها بعد بشأن البحث عن فرص للسلام لإنهاء الحرب في جنوب أوكرانيا وشرقها وقال زيلينسكي أعتقد أنه يجب أن يحضر ممثلون روس القمة الثانية ولم يتطرق إلى وقف الأعمال الحربية لكن إلى وضع خطة من ثلاثة محاور أمن الطاقة في أوكرانيا التي تضررت منشآتها جراء القصف الروسي وحرية الملاحة في البحر الأسود وتبادل الأسرى خطة زيلينسكي من أجل السلام في أوكرانيا وعلى الرغم من أن زيلينسكي أعاد طرح ثلاث نقاط غير أساسية فقط من خطة السلام التي عرضها في نهاية عام 2022 أمام قمة الـ20 التي عقدت في إندونيسيا فإن ترحيبه بمشاركة روسيا في المحادثات مثل تغييرا في هدف المؤتمر الذي عقد في سويسرا الشهر الماضي بغياب روسيا والصين لكن الكرملين استقبل العرض ببرود وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف الثلاثاء الماضي إن قمة السلام الأولى لم تكن قمة سلام على الإطلاق لذا ربما من الضروري أولا فهم ما يعنيه وأبطلت تصريحات زيلينسكي الفيتو الذي وضعه في 30 سبتمبر أيلول 2022 بموجب مرسوم رئاسي على التفاوض مع روسيا في ظل حكم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ردا على ضم مقاطعات دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون إلى الاتحاد الروسي وبهذا أزيلت عقبة كبيرة عطلت جميع المفاوضات المباشرة بين الطرفين باستثناء القضايا الإنسانية مثل تبادل الأسرى وإعادة الأطفال الأوكرانيين إلى ذويهم بوساطات من دول عدة أبرزها قطر والإمارات والسعودية وتركيا وطرح التغيير اللافت في موقف زيلينسكي تساؤلات حول الأسباب الحقيقة فالموافقة على مشاركة روسيا في مؤتمر السلام في أوكرانيا المقبل جاءت بعد أيام من تلقي بلاده دعما بأكثر من 40 مليار دولار أثناء قمة حلف الأطلسي الاسبوع الماضي في واشنطن والإعلان عن نقل طائرات إف 16 إلى أوكرانيا وتعهد زعماء الحلف بدعم أوكرانيا في طريق لا رجعة فيه نحو التكامل الأوروبي الأطلسي بما في ذلك عضوية حلف الأطلسي وربما بدل زيلينسكي مواقفه انطلاقا من تقدير أن حجم المساعدات الغربية ومواعيد تسليمها لن تسمح بتغيير موازين القوى على الأرض وتساعد قواته على إحداث تغييرات جذرية سريعة في أرض المعركة مثل شن هجوم مضاد يفقد روسيا بعضا من المكاسب الميدانية رغم تواضعها نسبيا التي حققتها في الأشهر الأخيرة في جبهات خاركيف ودونيتسك وزابوريجيا ومن غير المستبعد أن تنقلات رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الذي باتت بلاده الرئيسة الدورية للاتحاد الأوروبي في الأول من يوليو تموز الحالي ولمدة ستة أشهر بين كييف وموسكو وبكين وواشنطن وفلوريدا في إطار ما سماه بعثة سلام أدى دورا مهما في زيادة تركيز القيادة الأوكرانية على مخاطر تأثير الانقسامات في أوروبا على مواصلة دعم أوكرانيا سياسيا واقتصاديا والأهم عسكريا والأرجح أن تبدل مواقف زيلينسكي جاءت نتيجة التقديرات المتزايدة بأن موقف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بات أقوى في الرئاسيات الأميركية المقررة في الخامس من نوفمبر تشرين الثاني المقبل وأنه يمكن أن يعود إلى البيت الأبيض وبالتالي تراجع الدعم الأميركي لأوكرانيا ولتوضيح خطورة تراجع الدعم الأميركي لأوكرانيا تكفي الإشارة إلى التقدم الروسي في النصف الأول من العام الحالي في مختلف الجبهات بفعل نقص الذخيرة والمساعدات الأميركية بسبب الخلافات في الكونغرس حول حزمة المساعدات لأوكرانيا المقدرة بنحو 61 مليار دولار وتحسنت الأوضاع نسبيا بعد التوافق في الكونغرس ربيع العام الحالي ووصول طلائع هذه المساعدات تصريحات ترامب عن قدرته على إنهاء الصراع في أوكرانيا بسرعة كبيرة إذا فاز بالرئاسة أثارت مخاوف كييف ومع أن زيلينسكي قال الاثنين الماضي إنه ليس قلقا بشأن احتمال فوز ترامب وأنه لا يزال يراهن على دعم الولايات المتحدة فإن تصريحات ترامب بأنه سينهي الصراع في أوكرانيا بسرعة كبيرة إذا فاز بالرئاسة مرة أخرى أثارت مخاوف في كييف من أن ضغوط ترامب ستضطرها إلى التفاوض مع موسكو من موقف ضعيف ومما أجج مخاوف كييف من خفض الدعم الأميركي في حال فوز ترامب اختياره السيناتور جي دي فانس ليكون نائبه في الانتخابات الرئاسية المقبلة وكشفت تصريحات فانس تفاصيل حول طريقة التعامل مع أوكرانيا لم يصرح عنها ترامب وفانس أحد أشد المعارضين في الكونغرس للمساعدات الأميركية لأوكرانيا وانتقد إدارة بايدن على استمرار دعم أوكرانيا وقاد حملة فاشلة في مجلس الشيوخ لمنع حزمة المساعدات لأوكرانيا وذكر فانس أكثر من مرة أن الدعم الأميركي لأوكرانيا في حربها ضد الروس مكلف وبلا داع ووصف العودة إلى حدود أوكرانيا قبل الغزو بأنها خيالية وفي مقالة رأي في صحيفة نيويورك تايمز في 12 إبريل نيسان الماضي كتب فانس أن إدارة بايدن فشلت في حساب مقدار الأموال والموارد التي ستتطلبها هزيمة روسيا يقترح بايدن أن مبلغا إضافيا قدره 60 مليار دولار يعني الفرق بين النصر والهزيمة في حرب كبرى بين روسيا وأوكرانيا وهذا خطأ أيضا في الأساس نفتقر إلى القدرة على تصنيع كمية الأسلحة التي تحتاجها أوكرانيا لتزويدنا بها للفوز بالحرب وفي المقال نفسه له أيضا وصف فانس الهدف المعلن لزيلينسكي باستعادة الأراضي التي استولت عليها روسيا منذ عام 2014 بأنه أمر مستحيل وانتقد إدارة بايدن لرفضها إجراء مفاوضات مع روسيا ووصف الرفض بأنه سخيف وخلص إلى أن على أوكرانيا أن تلتزم بموقف دفاعي وتتفاوض مع روسيا وقال من خلال الالتزام باستراتيجية دفاعية تستطيع أوكرانيا الحفاظ على قوتها البشرية العسكرية الثمينة ووقف النزيف وتوفير الوقت لبدء المفاوضات ويفضل فانس تخصيص موارد مالية أكثر لحماية الحدود الجنوبية مع المكسيك بدلا من دعم أوكرانيا وفي مؤتمر ميونخ للأمن في فبراير شباط الماضي قال فانس إن الولايات المتحدة بحاجة إلى تركيز جهودها في آسيا بدلا من أوكرانيا وهي المنطقة التي رأى أنها ستكون محور السياسة الخارجية الأميركية على مدى السنوات الـ40 المقبلة وأن هناك الكثير من الأشرار في جميع أنحاء العالم وأنا مهتم أكثر بكثير ببعض المشاكل في شرق آسيا الآن مقارنة بأوروبا شروط بوتين ومع أنه لا يمكن الجزم بأن سياسة ترامب في حال فوزه ستعني تخلي الولايات المتحدة الكامل عن دعم أوكرانيا عسكريا إلا أن تصريحات زيلينسكي ربما تساهم بتحويل جزء من الضغوط نحو بوتين وسبق للرئيس الروسي أن أعلن في منتصف الشهر الماضي عن مبادرة سلام عشية مؤتمر سويسرا من أجل السلام في أوكرانيا وقال إنه من دون حوار صادق مع روسيا لا يمكن تحقيق السلام في أوكرانيا وحل الأزمة وحينها حدد بوتين شروط بلاده لوقف إطلاق النار وبدء المفاوضات مع أوكرانيا وطالب في كلمة أمام الدبلوماسيين الروس بانسحاب القوات الأوكرانية من كامل أراضي مقاطعات دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون ما يعني تسليم مناطق إضافية لبلاده من دون قتال وأكد بوتين أن بلاده تقدم عرض سلام حقيقيا آخر لأوكرانيا والغرب مقابل عدد من الشروط منها تعهد أوكرانيا بالحياد وعدم انضمامها لـناتو ونزع أسلحتها واجتثاث مظاهر النازية فيها وحذر بوتين من أن رفض عرضه طي هذه الصفحة المؤسفة من التاريخ يجعل كييف والغرب مسؤولين عن استمرار إراقة الدماء ولم يستبعد بوتين في حال رفض عرضه أن تتغير شروط التسوية وفقا للأوضاع العسكرية على الأرض التي تسير بشكل واضح لمصلحة بلاده حسب وصفه من جهتها أعربت واشنطن الاثنين الماضي عن دعمها تصريحات زيلينسكي بشأن بدعوة روسيا لحضور قمة ثانية لكنها أعربت عن شكوكها بشأن ما إذا كانت موسكو مستعدة لإجراء محادثات وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر للصحافيين عندما يريدون دعوة روسيا إلى تلك القمة فهذا أمر ندعمه بالطبع وأضاف لقد دعمنا دائما الدبلوماسية حين تكون أوكرانيا مستعدة لذلك لكن لم يكن من الواضح قط أن الكرملين مستعد للدبلوماسية الفعلية وبدا واضحا في الأشهر الأخيرة زيادة الحديث عن ضروة التفاوض من التوصل إلى السلام في أوكرانيا من دون عرض خطة يمكن أن تحظى بدعم طرفي الصراع نظرا للتضارب الكبير في منطلقات كل طرف في العملية التفاوضية والأهداف المطلوبة وعلى خلفية التقدم الروسي وإن كان بطيئا على الأرض رفعت روسيا سقف مطالبها لوقف الحرب كما بدا في شروط بوتين الأخيرة وسعت روسيا إلى تعميق الشقاقات والخلافات في الغرب بفعل الارتباك على وقع صعود اليمين الشعبوي ولوحت أكثر من مرة بأنها قد تضطر لاستخدام السلاح النووي وتغيير عقيدتها النووية من أجل تشكيل رأي عام في الغرب يضغط للتخفيف من دعم أوكرانيا وإقناعها بالدخول في مفاوضات لتجنب حرب عالمية ثالثة والمؤكد أن أوكرانيا كانت تراهن حين أطلقت خطة زيلينسكي ذات النقاط العشر في نهاية عام 2022 على أن الأوضاع الميدانية تحولت لصالحها بشكل نهائي وأن الوضع يتجه نحو قبول روسيا بالتفاوض من موقع ضعف وعليه سعت إلى تجميع أكبر دعم من دول العالم على خطة زيلينسكي على أن تقدم لروسيا أساسا للتفاوض على التنفيذ ولكن تغير الظروف يضطر كييف الآن للقبول بمشاركة روسيا رغم مخاوف من اضطرارها لتقديم تنازلات مؤلمة قد تتجاوز القبول بتجميد الصراع الذي طالما رفضته ورغم أن استطلاعات الرأي الأخيرة في روسيا وأوكرانيا تكشف ميلا نحو التفاوض بين الطرفين فإن التفاصيل توضح صعوبة التوصل إلى السلام في أوكرانيا بين كييف وموسكو عارض 83 من الأوكرانيين التخلي عن مناطق في بلادهم ضمتها روسيا تحولات شعبية في كييف وموسكو في كييف كشف استطلاع للرأي نظم في نهاية يونيو الماضي أن 43 9 من الأوكرانيين في المناطق الخاضعة لسيطرة كييف اعتبروا أن الوقت قد حان لبدء محادثات السلام في أوكرانيا بين كييف وموسكو مقارنة مع 35 1 عارضوا بدء المفاوضات و21 لم يحسموا أمرهم وحسب الاستطلاع الذي نظمه مركز رازومكوف في الفترة من 20 إلى 28 يونيو الماضي أبدى الأوكرانيون رغبتهم بالتفاوض لكنهم رفضوا شروط بوتين وعارض 83 من المشاركين في الاستطلاع الانسحاب الأوكراني من المناطق التي طالب بها بوتين وأصر قرابة 51 من الأوكرانيين على تحرير أوكرانيا من القوات الروسية حتى حدود 1991 فيما أبدى 26 استعدادهم لوقف الحرب على خط ترسيم الحدود قبل بداية الحرب الحالية وأكد ثلثا المشاركين 66 أنه يمكن هزيمة روسيا في ساحة المعركة في حالة مواصلة الدعم الغربي وزيادة الإنتاج العسكري في داخل البلاد ولم يتفق 77 من الأوكرانيين على ضرورة رفع كافة العقوبات الغربية المفروضة على روسيا ورفض نحو 59 من السكان تضمين مبدأ عدم الانحياز العسكري في دستور أوكرانيا وفي تناقض واضح مع الأهداف التي طمح إليها الأوكرانيون رأى 46 من المستطلعة آراؤهم أن التهرب من الخدمة العسكرية ليس أمرا مخجلا ولا تختلف النظرة في روسيا إلى المفاوضات فقد بلغت نسبة الروس الذين فضلوا محادثات السلام في أوكرانيا أعلى مستوياتها على الإطلاق بنسبة 58 حسب استطلاع رأي أجراه مركز ليفادا المستقل في نهاية شهر يونيو الماضي وفي حين قال غالبية المشاركين في الاستطلاع إنهم يفضلون السلام في أوكرانيا في أقرب وقت ممكن رأى 17 فقط أن روسيا يجب أن تقدم تنازلات كبيرة للتوصل إلى اتفاق مع كييف وحلفائها الغربيين وعارض 73 من المشاركين في الاستطلاع إعادة الأراضي المحتلة إلى أوكرانيا وقال 83 إنهم ضد انضمام أوكرانيا إلى حلف ناتو وتعزز نتيجة الاستطلاعين الشكوك بشأن إمكانية حصول السلام في أوكرانيا وإنهاء الحرب قريبا عبر التفاوض بين موسكو وكييف بمبادرات شعبية أو حكومية في إشارة إلى أن الطريق إلى سلام مرض للطرفين لا يزال بعيدا

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح