حصاد الزيتون في جنوب لبنان المزارعون يتحدون الطائرات الإسرائيلية
٣٨ مشاهدة
في ظل شجرة الزيتون وأزيز الطائرات الحربية يجمع أسعد التقي حبوب الزيتون مع مجموعة من العمال في إحدى قرى جنوب لبنان متحدين الخطر المحدق بهم بسبب التصعيد المتواصل بين حزب الله واسرائيل تظهر في الأفق سحابة دخان ناجمة عن قصف إحدى القرى الحدودية مع اسرائيل لكن أسعد وزملاءه يواصلون القطاف بابتسامة في حقل الزيتون العائد لأحد سكان قرية الكفير الواقعة في منطقة حاصبيا في جنوب لبنان وتبعد حوالى تسعة كيلومترات عن الجولان السوري المحتل يقول أسعد 51 عاما فيما وقف في ظل شجرة يجمع حبوبها نحن نعمل هنا في منطقة الكفير القريبة من القصف لكن لست خائفا من القذيفة إن وجودنا هنا تحد للقصف ويؤكد الرجل الذي لوحت الشمس وجهه قائلا سنبقى مستمرين فهو يرى أن الزيتون أفضل ثمرة وشجرة سلام بعصا خشبية يهز أسعد إلى جانب العمال والعاملات الشجرة لتتساقط منها الحبوب على كيس من الخيش مختلطة بأوراقها يتظلل العمال بغصون الأشجار عند استراحة الغداء جالسين على الصخور الوعرة التي تتكون منها أرض هذه القرية المرتفعة نحو 900 متر عن سطح البحر وتقع على سفح جبل الشيخ عند مثلث الحدود اللبنانية الفلسطينية والجولان المحتل تقول حسنا حماد 48 عاما العاملة مع أسعد في قطاف الزيتون لا نشعر بالخوف اعتدنا على الأمر وصامدون نخاف على إخوتنا المتضررين من الحرب مضيفة أن هذا العمل يشكل مصدر رزق لنا رغم التحديات وهم من قلة محظوظين في جنوب لبنان تمكنوا من قطف موسم الزيتون هذا العام فالقرية ذات الغالبية المسيحية والدرزية بمنأى حتى الآن عن نيران الحرب بشكل مباشر على الرغم من تكثيف اسرائيل قصف مناطق واسعة في جنوب لبنان وشرقه منذ 23 سبتمبر أيلول وبدئها عملية برية في 30 سبتمبر أيلول منعت المعارك والقصف الكثير من السكان من العودة إلى قرى أخرى في جنوب لبنان تعرضت لدمار كبير فالكثير من البلدات هجرها أهلها ولم يعد لأراضيها من يحصدها ويقدر البنك الدولي دمار نسبة 12 من بساتين الزيتون في المناطق المعرضة للقصف في جنوب البلاد وشرقه لذلك توقع البنك الدولي في تقرير نشر الخميس الماضي أن يؤدي تعطيل حصاد الزيتون بسبب القصف والنزوح إلى خسائر تبلغ 58 مليون دولار خوف من الحرب في الكفير تتوزع أشجار الزيتون في كل مكان حتى الأفق حيث يظهر جبل الشيخ الذي لم يغط الثلج قممه بعد قرب كل حقل سيارة أو أكثر تؤشر لوجود العمال أو أصحاب أرض يعملون على قطف الزيتون في هذا الموسم في نهاية يوم العمل الذي غالبا ما يتخلله خرق الطائرات الحربية الاسرائيلية جدار الصوت يرفع العمال أكياس الزيتون على ظهورهم ويحملونها على شاحنات استعدادا لنقلها من أجل تخزينها أو عصرها وتحويلها إلى زيت وبينما يحصد كثر محاصيلهم بأيديهم يخاف آخرون من المجيء إلى قراهم ما أثر بشكل غير مباشر على عمل سليم كساب 50 عاما وهو صاحب معصرة زيتون تقليدية في الكفير ويقول الرجل فيما وقف داخل المعصرة التي ورثها عن والده إن العديد من الناس لم يأتوا بأنفسهم لحصاد الزيتون هذا العام بل أحضروا عمالا ليقطفوا عنهم من خارج القرية هؤلاء يعصرون الزيتون خارج القرية أيضا وفق كساب ما أثر سلبا على عمله ويضيف كساب الذي جاء إلى القرية وحيدا هذا الموسم من دون زوجته وأولاده خشية من مخاطر الحرب أن هناك خوفا من الحرب طبعا ليست لدى الجميع الجرأة للقدوم إلى هنا داخل البناء الحجري القديم في أحد الشوارع الضيقة في القرية يدأب العمال على نقل الزيتون من آلة إلى أخرى لهرسه وعصره وتحويله إلى زيت يأتي صاحب محصول مع مطرات زرقاء كبيرة لجمع الزيت والاطمئنان على سير العمل قبل الحرب كان يصلح كساب آلات العصر في منطقة النبطية أو صيدا في جنوب لبنان لكن الوصول إلى تلك المناطق بات مستحيلا حاليا بسبب القصف وينبغي البحث عن حلول في مناطق أخرى لذلك يضيف كساب يحتاج إصلاح أي عطل ثلاثة إلى أربعة أيام بدل يوم واحد حقول الزيتون مصدر رزق في جنوب لبنان في جنوب لبنان وشرقه تسببت الحرب الإسرائيلية على لبنان بـحرق مساحات واسعة من الأراضي الزراعية أو بالتخلي عنها إلى جانب فقدان المحاصيل بسبب نزوح المزارعين من الجنوب نتيجة القصف الإسرائيلي وفق تقرير البنك الدولي وتسببت الحرب في لبنان بنزوح نحو 900 ألف شخص وفق أرقام الأمم المتحدة وبشكل عام وخلال التصعيد المستمر منذ أكثر من عام بلغت قيمة الأضرار التي لحقت بقطاع الزراعة حتى تاريخ 27 سبتمبر أيلول 2024 حوالى 124 مليون دولار بحسب البنك الدولي لكن في الكفير تشكل حقول الزيتون مصدر رزق لغالبية سكانها الذين يصفونها بالأشجار المباركة في أحد أزقة القرية باب صغير تفوح منه رائحة الزيتون الطازج هنا تغسل إنعام أبو رزق 77 عاما وزوجها الثمار استعدادا لحفظها في قوارير تدوم طوال الشتاء حتى الموسم المقبل أو تحويلها إلى زيت تقطف إنعام الزيتون في قريتها كل عام منذ عقود وتنظف المحاصيل وتوضبها ولم تشأ أن يكون هذا العام مختلفا وتقول المرأة نخاف طبعا هناك صوت قصف وصوت طائرات لكننا نحب شهر الزيتون كثيرا نستفيد منه فنحن فلاحون وعملنا بالأرض فرانس برس