الزيارة الأخيرة حكاية عن العنف الأسري
عن دار الساقي، صدرت حديثاً رواية الزيارة الأخيرة للكاتب الإيطالي أندريا باياني، بترجمة نجم بو فضل. تنتمي الرواية إلى سرديات الاعتراف، وتتقصّى الروابط العائلية، والعنف الأسري، وقطيعة الأبناء أو تحرّرهم من أُسرهم. ويمثل السرد، بما ينطوي عليه من موضوعات، إجابةً عن سؤال الابن الذي يطرحه في الصفحات الأخيرة: هل يجوز للمرء أن يهجر أهله؟ هل يستطيع التملّص منهم بنزع جسده من أمامهم بفعلٍ صريحٍ ونهائيّ؟.
تقص الرواية، حكاية القطيعة أو التحرّر هذه، بصوت راوٍ، بضمير المتكلم. منذ الصفحات الأولى يعرف القارئ أن الابن لم يرَ والديه منذ عشر سنوات، وأن هذا الانقطاع عنهما لم يكن حادثاً قدرياً، إنما قراراً اتّخذه الابن، الذي يروي سيرة طفولته ومراهقته بعد عشر سنوات على قطيعته مع والديه.
يفكّك السرد العلاقات الباردة داخل البيت المحكوم بسلطة الأب ومزاجه، إذ يصف الراوي شخصية الأب بأنه رجلٌ يتعيّن عليه أن يتحصّل على كل شيء من الحياة، الأمر الذي يقتضي أن ندفع كلّنا الثمن، فيما يصف حياة الأم على أنها تختصر بمجيئها إلى الدنيا. وبين هذين النموذجين الحادّين والمتناقضين، يعود بذاكرته ليقصّ حكاية السيطرة اليومية التي يقوم بها الأب على شؤون الأم، عبر الصمت العقابي، وأحياناً عبر الضرب الجسدي، مع تصوير ما كان يسبّبه من أذى نفسي.
/> كتب التحديثات الحيةهناء مال الله.. المحيط حقلاً للممارسة الفنية
يقدّم النص هذه الشبكة من العلاقات الأسرية المنهارة بأسلوب هادئ ومقتصد، وفي مشاهد ولقطات وذكريات متقطّعة، تتراكم تدريجياً لتكشف كيف يتحوّل البيت إلى فضاء خانق، وكيف تُقرأ علاقات أفراد العائلة بوصفها بنية سلطوية، إذ الأم هي الضحية؛ إلى درجة أن الابن يتذكّر الفترة الوحيدة التي كانت والدته مسرورة فيها، عندما عملت في سوبرماركت خارج الوظيفة المنزلية.
يصوّر السرد في 160 صفحة، تآكل حضور الأم تدريجياً في حياة العائلة، وكأن الابن، بروايته حكايتها بعد عشر سنوات من القطيعة، ينقذ صورتها من التلاشي.
ارسال الخبر الى: