الرياضة في كوريا الشمالية صورة عن النظام الحاكم
في كوريا الشمالية، لا يُمكن فصلُ الرياضة عن الحكم، إذ تُدار مقاليد الملاعب بالعقلية نفسها التي يُدار بها النظام السياسي القائم. منذ تأسيس الدولة عام 1948، تحت حكم كيم إيل سونغ، تحوّلت الرياضة إلى واحدة من أدوات السلطة، تُوظَّف لترسيخ الأيديولوجيا، وإظهار قوة الدولة، وبناء صورة الانضباط الجماعي، وهو توصيف يقدمه الباحث الروسي المتخصص في الدراسات الكورية، أندريه لانكوف، في كتابه حقيقة كوريا الشمالية: الحياة والسياسة في اليوتوبيا الستالينية الفاشلة، إذ يشير إلى أنّ الرياضة جزءٌ من مؤسسات الدولة الشمولية، وتخضع للسيطرة المباشرة للحزب الحاكم.
ويصف لانكوف النظام هناك بأنّه شمولي وسلطوي بالدرجة الأولى، يجمع بين الحكم المتوارث والسيطرة المطلقة للحزب الواحد (حزب العمال الكوري). وبناءً على ذلك، يندرج النشاط الرياضي باعتباره جزءاً أساسياً من مؤسسات الدولة، إذ يخضع اللاعبون لإشرافٍ مباشر، فيما يُوظَّف النجاح الرياضي، في نهاية المطاف، لخدمة الزعيم الأول، سواء على المستوى الخارجي أو الداخلي.
ومن هُنا، ننطلق في رحلة الحديث عن الرياضة في هذا البلد الكائن في شبه الجزيرة الكورية، تزامناً مع انتشار مقطع فيديو يظهر فيه القائد الأعلى لكوريا الشمالية، كيم جونغ أون، نجل كيم جونغ إيل، وحفيد كيم إيل سونغ، وسط منتخب السيدات تحت 17 عاماً، فرحاً بإنجازهن الكبير، بعد حصد لقب كأس العالم في هذه الفئة للمرة الرابعة في تاريخ البلاد، إذ رقص معهن في قاعة مانسوداي بالعاصمة بيونغ يانغ، على هامش مراسم إحياء ذكرى إقرار الدستور الاشتراكي.
ما قبل الحزب الحاكم
قبل عام 1948، لم يكن هناك كيانٌ سياسيٌّ مُستقل يُسمى كوريا الشمالية، وكانت الرياضة الحديثة محدودة، إذ سادت الأنشطة الجسدية التقليدية والفنون القتالية، مثل التايكيون (الأصل الذي تطور منه فن التايكواندو الحديث)، والتي كانت تُمارس في سياقات احتفالية أو تدريباتٍ عسكرية، بهدف الانضباط البدني والاجتماعي، وفقاً للبروفيسور الأكاديمي، مايكل سيث في كتابه تاريخ كوريا: من العصور القديمة إلى الحاضر، لكن خلال فترة الاحتلال الياباني (1910-1945)، أدخلت اليابان الرياضة الحديثة، خصوصاً كرة القدم وألعاب القوى، لكنها استخدمتها أداة للسيطرة الثقافية وفرض
ارسال الخبر الى: