لوحة الركام بين الصمت والأنقاض الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين

يمنات
حميد عقبي
تشكل أعمال الفنان الأمريكي براين كارلسون شهادة إنسانية نادرة في زمن تتراجع فيه القيم الأخلاقية أمام صخب الحروب والدمار ووسائل الإعلام التي تروج للاستهلاك والتفاهة. براين يرسم بعيدًا عن الترف ولا يسعى إلى شهرة أو مجد المعارض والجوائز الكبرى، لكنه يضع فنه في خدمة قضايا الإنسان المقهور، مؤمنًا أن الإحساس بالمأساة لا تحده المسافات الجغرافية ولا الحواجز السياسية.
رغم بُعده المكاني عن فلسطين واليمن وأفريقيا، إلا أنه يتابع بقلق ما يحدث بمشاعر يقظة تحاول تحوّيل بعض الأوجاع الإنسانية إلى لوحات تنبض بالشهادة والمقاومة وتبحث عن بعض الحلم والحياة والعدالة. إحساس الفنان عنده ملتزم بالمسؤولية، ومسؤوليته تُترجم في لوحاتٍ تصرخ بالصمت وتوجع بالتأمل.
من هنا، تبرز أهمية أعمال براين كارلسون كوثائق وجدانية لا يجب أن تمر بصمت؛ من واجبنا أن ننتبه لها كنقاد، نقرأها، ونساهم في نشرها لتظل الإنسانية يقظة في وجه التوحش والنسيان، خاصة وأن إبداعنا العربي المعبر عن مآسينا لا يزال ضعيفًا ونحن بحاجة لتطوير أساليبنا وتقنياتنا للتعبير عن واقعنا وألمنا ومشاركته مع العالم بعيدًا عن التقريرية والمباشرة والبكائيات، لنستفد من تجربة براين وغيره.
لوحة “مأساة الركام” :عندما يتحول الفن إلى شهادة دامغة على جريمة الصمت
تضعنا هذه اللوحة أمام واحدة من أبشع طرق الموت وأكثرها رعبًا: الموت تحت الأنقاض. الجسد الممدد وسط الركام، بعظامه المهشّمة، بجلده المغبرّ، يصبح رمزًا مكثفًا لعجز العالم وانهيار منظومة الرحمة الإنسانية في هذا الكون.
براين كارلسون لم يرسم هنا مجرد مشهد موت، لكنه صوّر لحظة انتهاك صارخ للعدالة الإنسانية، لحظة خيانة كبرى للصوت الذي ينادي فلا يجد من ينقذه.
البنية التشكيلية:
التكوين:
المشهد ذو نظرة علوية (من الأعلى إلى الأسفل)، كأننا نحن، المشاهدين، نصبح شهودًا متواطئين. نرى الجسد محاطًا بركام رمادي قاتم، قطع إسمنتية وأحجار مهشمة تحيط به. لا منفذ، لا مخرج، لا ضوء.
الجسد:
الطفل/الشخص الممدد يحتضن نفسه بحركة دفاعية غريزية كأنه جنين في رحم أمه. وضع الجسد المقوس على نفسه يعبر عن الخوف، الوحدة، ومحاولة مستميتة للاحتماء من
ارسال الخبر الى: