الرئيس الزبيدي من مدرسة نضال وكفاح إلى خريطة ترسم حدود دولة الجنوب العربي

كتب/ د. أمين العلياني: أرشيف الكاتب
كان حركةً نضاليّةً كفاحيّة، وكانت سيرته مدرسةً قبل أن تكون سيرة رجل؛ سيرة فكرةٍ متجسّدةٍ رسّمت خلودَها في ذاكرة شعب جنوبي عربي أصيل، آمن به ونضاله وكفاحه، فصار مصدرًا لإلهامه، وثِقَةً لتطلّعاته. عرفته الميادين غضبًا ثائرًا، وعرفته الجبال ملاذًا ومدرسةً، وعرفته المعارك أسدًا وسيفًا، منذ انطلقت شرارة الجنوب الثانية في العام 1994م حتى اليوم، حيث خطَّ مسارًا منحنياً صاعدًا لا يعرف الانكسار، مناضلاً صلبًا يكتب ببندقيته وإرادته فصلاً من فصول حلم كل جنوبي أصيل لم يمت، بل تشبّث بالوجود في وجدان شعب أبى أن يكون ظلًا أو هامشًا في مسار الحرية والكرامة والتحرير ونَيْل التطلّعات المصيرية.
لقد صقلته المراحل وشحذته المنعطفات التاريخية الحادّة، فتحوّل من ثائر يحمل هموم أرضه على كتفيه ومعاناة شعبه في وجدانه، إلى قائد يستوعب أبعاد قضيّة شعبه بعقله وقلبه؛ وناضل حين كان النضال هو اللغة الوحيدة التي يفهمها المحتل، وكافح حين كان الكفاح الممرّ الإجباري نحو الكرامة والحرية والسير نحو ضفاف الاستقلال الناجز، كما خاطب شعبه في أكثر من مناسبة. وفي هذا المسار الطويل، حيث تُزرع التضحيات كالألغام على درب الحرية، وتتساقط الإحباطات كأوراق الخريف، كان هو الشجرة الدائمة الخضرة المتجذّرة بعمق في تراب جنوبه العربي الأصيل، والمتفرّعة بأملٍ لا ينضب نحو سماء السيادة والهوية الجنوبية، على أرض تبلغ مساحتها حوالي (360,133) كيلومترًا مربعًا، وتمتدّ حدودها من المهرة شرقًا إلى باب المندب غربًا.
وها هو اليوم لا يزال ذلك الكيان النضالي الصلد، لكنه صار شيئًا آخر أكثر امتدادًا وأعمق تأثيرًا: مصدر إلهام وخارطة طريقٍ لاستعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة. وليس ذلك إلا لمسيرته التي تحوّلت إلى مدرسة كفاحيّة تُدرَّس في وجدان الناس قبل الكتب، ولأفعاله السابقة التي صارت سِجِلًّا بطوليًّا يُلهِم الأجيال الحاضرة. والأهم أن كلماته الحاضرة صارت خريطةً تحمل دقّة التخطيط الاستراتيجي وصدق الوعد النضالي الذي لا يخون.
في زيارته الرمضانية الأخيرة لحضرموت والمهرة، لم يلقِ خطابًا عاديًّا، بل كان يكتب بوعد تاريخي صفحةً جديدة من صفحات المستقبل والتحرير
ارسال الخبر الى: