الذكرى الـ58 لاستقلال الجنوب اليمني المحتل كتب الرئيس علي ناصر محمد

يسعدني أن أهنئ شعبنا اليمني العظيم بالذكرى الثامنة والخمسين لعيد الاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 1967م، يوم انتصار الإرادة الشعبية وقيام الدولة التي وحدت سلطنات وإمارات ومشيخات الجنوب.

وإذ نستعيد ذكرى هذه المناسبة الوطنية الخالدة فإننا نحيّي شعبنا البطل الذي صنع هذا المنجز التاريخي بعد سلسلة من الانتفاضات الشعبية ضد الاستعمار البريطاني
التي توّجت بقيام ثورة 14 أكتوبر المسلحة عام 1963م، التي حققت الاستقلال غير المشروط وأقامت جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية بعلم واحد وجيش واحد وجواز واحد وطابع بريد واحد وولاء وطني واحد ونشيد وطني واحد وقوانين واحدة وسلطة وطنية واحدة. ولامفر من القول بأن دولة الاستقلال رغم محدودية مواردها وقلة سكانها كانت قوية ومهابة في المنطقة لأنها لم تُفرّط بسيادتها ولا بقرارها الوطني المستقل رغم ما واجهته من ضغوط سياسية وحروب اقتصادية ومؤامرات بإمكانيات محدودة ولكن بإرادة وطنية صلبة ونزيهة ورؤية وطنية لالبس فيها
مكنتها أن تحقق إنجازات هامة لاينكرها إلا مغرض أو جاحد في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية والعسكرية والأمنية، وفي مقدمتها التطبيب والتعليم المجانيان والدعم السلعي وتطبيق القانون على الكل. لقد اعترفت منظمة اليونسكو بأن نظام التعليم في الجنوب كان الأفضل في المنطقة، حيث انخفضت نسبة الأمية إلى 2% فقط عام 1985، وأقر البنك الدولي بأن الجنوب يستفيد من الدعم الدولي المحدود أفضل من غيره من الدول النامية.دولة الاستقلال خلت البلاد من الأمراض السارية والمعدية، وتميّزت باستقرار سعر الدينار الجنوبي من عام 1967 وحتى عام 1990، وبانتظام دفع رواتب موظفي الدولة في اليوم الأول من كل شهر، وباستقرار الأسعار وتوحيدها من عدن وحتى المهرة ودعم حركات التحرر الوطني وفي مقدمتها فصائل المقاومة الفلسطينية. ومعلوم أن هذا الموقف ضاعف العداء للنظام في الجنوب من دول شتى.

كل هذه الإنجازات الكبيرة والمتواضعة قياسا بموارد الجنوب المحدودة لاتزال محل فخر الجنوبيين وتبعث على الحنين والمقارنة في ظل الكابوس الذي يعيشه الجنوب واليمن ككل.إن التجارب الوطنية بطبيعتها ليست صفحة بيضاء ولا تخلو من الأخطاء والسلبيات، وقد مررنا نحن أيضًا بمثلها،